إياد الصالحي
باتت إدارة أي مفصل رياضي لا تحتاج الى مسؤول بكاريزما معيّنة وشهرة واسعة النطاق ماضياً وحاضراً، ومحبّين يدافعون عنه حتى في أوج ضعفه وخواء عطائه في موقع لم ينجّح فيه لصعوبة حيازته على الخبرة الفائقة خارج الحدود الناديوية الضيقة وتدارك الأخطاء المحرجة التي تواجهه أول مرة في مسؤولية أكثر من قدراته، بل إن إدارة ذلك المفصَل بحاجة ماسة الى تناول حديثه بما ينأى عن وقوعه في التناقض أمام الناس وتجعلهم ينفرون منه ويرسّخون في أذهانهم حقيقة عدم صلاحه لإشغال الموقع ذاته حدّ إشفاقهم عليه.
أثار الكابتن فلاح حسن رئيس بعثة العراق في دورة الألعاب الآسيوية الثامنة عشرة التي أسدلت العاصمة الاندونيسية جاكرتا الستار عليها في الثاني من أيلول الجاري، جملة من التناقضات أثناء حديثه لإحدى القنوات التلفازية، منهياً مهمته من أرض الحدث بقناعة أن ما حصل عليه العراق وفق ظروف مشاركته بـ 54 رياضياً يعد إنجازاً جيداً مقارنة لبقية اعضاء الدول المشاركة، وأن الميداليتين الفضيتين وثالثتهما الذهبية هي حصيلة جيدة لا يمكن أن نطمح بمزيد منها طالما هناك اتحادات رفضت المشاركة لعدم قدرتها على تلبية شروطنا!
رئيس البعثة رفض تشكّي عدد من الاتحادات من قلّة التخصيصات الممنوحة لها التي أثّرت على نتائجها في الأسياد أو دعتها للاعتذار عنه، وقال أن هذا الأمر واهٍ، فميزانياتها معلومة بداية كل عام والتقليص حصل بنسبة ضئيلة جداً لا تؤثر في إعداد الرياضي، وفي الوقت نفسه يطالب بمحاسبتها بعد انتهاء الدورة الآسيوية أي أنه كان ينتظر سقوطها وفشلها المتوقع كي ينزل القصاص بها ويدقق في إنفاقها وأسباب عدم فلاحها في تمكين لاعب واحد للصعود الى منصّات التتويج، فماذا كان يعمل فلاح مع اعضاء المكتب التنفيذي طوال عام كامل في الأقل عندما شدّد رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية على "ضرورة التزام الاتحادات الرياضية التي أعلنت مشاركتها بدورة الألعاب الآسيوية بتقديم برامجها الفنية التي تتضمن المعسكرات التدريبية الداخلية والخارجية واعتماد المدربين الأكفاء والجلوس مع لجنة الخبراء بغية الاتفاق على عملية الاستعداد والتحضير للدورة"؟!
فات على فلاح أن يقولها بملء الفم، إن أول من تتحمّل مسؤولية الإخفاق هي لجنة الخبراء قبل الاتحادات كونها لم تكن صريحة مع المكتب التنفيذي في نقل المعلومة وحقيقة مستوى كل رياضي، وهذا ما تكرر في بطولات ودورات سابقة، ظلت اللجنة أسيرة جداول مقابلات وأوراق غير محدّثة البيانات حسب اعتراف أحد اعضائها المهمّين فما نفعها إذن؟ هل يستطيع فلاح أن ينفي وجود اللجنة كغطاء يحمي الأولمبية من الانتقادات التي تطال اعضاء مكتبها التنفيذي الذين جُلّهم فشلوا في إنجاح برنامج اتحاد واحد أو دفع بطل منافس بجد في هذه اللعبة وتلك واستمروا في مواقعهم كمسؤولين غير مسؤولين؟!
الطامة الكبرى أن رئيس البعثة برّأ علانية في المقابلة نفسها الاتحادات والمكتب التنفيذي من تراجع الألعاب الرياضية في هذه الدورة وعموم المشاركات الخارجية ورمى الكرة في ملعب وزارة التربية، ولم يسمّ الاتحادات "الخاملة" كما وصفها، ورأى أن مراجعة ميزانياتها هو الحساب المناسب في مبدأ العقاب والثواب! وهذا يمثل توجّساً واضحاً من فلاح أمام الاتحادات تحت ضغط مصلحته الانتخابية للمرحلة المقبلة، التي تمنعه من القول إن الخلل في رؤسائها الذين جثموا على مواقعها سنيناً طويلةً وآن الأوان أن ننسحب جميعاً من العمل الأولمبي لكون سمعة العراق الرياضية أهم من كل تاريخنا، كان لابد أن يتحدث النائب الثاني لرئيس الأولمبية بقوة لإدانة من استهتر بالمال العام وبدّد الجهود في نتائج مخجلة ويفضح بالأسماء من لاذوا باتحاداتهم بعيداً عن جاكرتا لئلا يغرقوا في وحل الفضيحة قبيل بدء الانتخابات.
لن ينجو المقصّرون من قصاص الأولمبية إن بقي فيها قائد نراهن على غيرته وفزعته للثأر من غياب علم العراق فوق ساريات ألعاب آسيوية دفعنا كُلف اتحادات رياضييها أربع سنوات من حساب ذوي شهداء تحرير الموصل ومكابدات النازحين وأربعة ملايين عاطل في العراق، فضلاً عن ضحايا الإرهاب ونكبات المدن وآخرها البصرة الحبيبة التي تقاوم عطشها بالصبر على نزيف دماء شبابها وهم يحاربون الفاسدين والمحتالين وآكلي خيرها، فهل من منقذٍ لرياضة أذلّها أهلها وراء ركب من كانوا يتباهون بأنها سيدة آسيا والعرب؟!