adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
ينعقد مجلس النواب الجديد أو لا ينعقد!.. ثم، بعد شدّ وجذب، تنعقد الجلسة الأولى وتنسحب أغلبية النواب الجُدد والمُجدّد لهم في انتخابات قاطعتها أغلبية الناخبين احتجاجاً على كل ما دار وصار في البلاد..
الانسحاب لم يكن له من غرض وغاية غير الحؤول دون أن تخطو السلطة التشريعية الجديدة خطوتها الأولى وتشرع بمهامها وواجباتها، لأنّ الآمر بالانسحاب، رئيس كتلة دولة القانون نوري المالكي، وجد أن كتلته لن تكون هي التي سيُعهد إليها بتشكيل الحكومة الجديدة. وما كان للانسحاب أن يُحقّق غرضه وغايته لولا الدعم المقدّم على بياض من النواب الكرد الذين سيصيرون موضوعياً، ويا للعجب،"كرد المالكي"!، فيسقط النصاب اللازم، وتُعاد اللعبة العبثية نفسها: الجلسة المفتوحة غير الشرعية، غير الدستورية، التي ستدخل هي الأخرى وتحشر البلاد معها في مأزق الانعقاد أو عدم الانعقاد، وانتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه أو عدم انتخابهم، لأن"التوافقات"من فوق الطاولة والصفقات من تحتها لم تكتمل بعد..!!!
في خضمّ هذه اللعبة الشريرة القذرة، الشعب العراقي متروك لحيص بيص جلسات البرلمان الذي كان يتعيّن أن يبدأ أعماله المتوجّبة (تشريع القوانين ومراقبة أداء مؤسسات الدولة الأخرى) منذ شهرين ونصف الشهر (الأول من تموز الماضي).. وفي غضون هذا الحيص بيص تتضافر إرادات القوى المتنفذة في العملية السياسية منتهية الصلاحية، الشيعية - السنية -الكردية، ضد مصلحة الشعب بعربه وكرده وسائر قومياته بمختلف أديانه ومذاهبه (من أجل مصالحها الحزبية ومصالح قياداتها الأنانية)، فلا يتحرّك الدم في عروقها إذ يسقط القتلى والجرحى في البصرة، وإذ يعطش أهل البصرة ويتسمّم عشرات الآلاف منهم، وإذ، قبل هذا وبعده، يكابد ملايين العراقيين الجوع والبطالة وانهيار نظام الخدمات العامة الأساس (الكهرباء والماء والصحة وسواها) والذل وهدر الكرامة، بسبب استشراء الفساد الإداري والمالي الذي تتوزّع حصصه على هذه الأحزاب جميعاً بنسبة حصة كلّ منها في مناصب الدولة ووظائفها.
استهتار سياسي واضح وصريح ومتواصل للسنة الخامسة عشرة على التوالي وانتهاك لحقوق الشعب وتجاوز على كرامته.. وتبلغ اللعبة الرعناء ذروتها بالعودة من جديد، بعد كل الخراب الذي حلّ بالبصرة وبالعراق كله، الى التمسك بالكتلة السنيّة و"حقّها"المقدّس في رئاسة البرلمان والكتلة الكردية و"حقّها"المماثل في رئاسة الجمهورية والكتلة الشيعية و"حقّها"النظير في رئاسة الحكومة، وهي في مجموعها كتل حزبية لا تمثّل، في أحسن الأحوال بكلّ التزوير الذي عملته في الانتخابات، غير 40 بالمئة من الناخبين، أما الكتلة الأكبر، الصامتة المقاطعة للانتخابات، فمغيّبة تماماً، فلا حقّ لها في الرئاسات ولا في النيابات، ولا – بالضرورة والتبعية – بالوزارات والإدارات!
نهج صارخ في فشله وفي الدمار المترتّب عليه.. البصرة مجرّد عنوان أوّلي للخراب الوطني الشامل.. القادم.
مَنْ تُراه يفكّر بهذا.. ويتدبّر؟!