محمد حمدي
لم يساورني الشعور بالقلق على مسيرة أي منتخب عراقي للفئات العمرية في أية بطولة خارجية طيلة السنوات السابقة، ومرد ذلك يعود لأسباب كثيرة معروفة أخذت حقائقها تتكشف تباعاً وتزيح عن أهم الانجازات صبغتها الشرعية، الحديث هنا ليس بصدد تقليب أوراق الماضي التي لا تبعث على الفخر بقدر ما هو حالة من الأمل والتفاؤل لتصحيح المسار الجديد، ومن المنطقي أن نشير الى ثورة تغيير بانت ملامحها حديثاً، حيث فقدت مسوغات التلاعب بالأعمار وبانت مضارها الكثيرة وأثرها الفاحش في مستقبل أجيال طمرت تحت ركام النسيان لفقدانها فرصة التمثيل الحقيقي بما يناسبها وفصّل تماماً على قياساتها الرياضية الابداعية ومن الممكن أن نعزو هذه الصحوة التي أتت متأخرة الى مسبّبات كثيرة قد يكون الإعلام الرياضي في طليعتها وانكشاف المستور عبر مواقع التواصل الاجتماعي ثانياً وهي من حسنات هذه المواقع .
ولأجل أن نستشعر صعوبة الطريق الطبيعي لهذا العمل الذي سيثمر في المستقبل بالتأكيد، لابد أن نلاحظ مدى الشفافية والوضوح التي سار عليها مدرب منتخبنا الوطني للناشئين الكابتن فيصل عزيز الذي تحمل وزر حل المنتخب السابق والمجازفة بأشباله في بطولة غرب آسيا التي فقدها كتحصيل حاصل مع الأخذ بالحسبان إعداد العدة لبطولة آسيا للناشئين في ماليزيا التي ستنطلق في العشرين من الشهر الحالي، ويتحتم عليه مواجهة منتخبات استراليا وكوريا الجنوبية وافغانستان في مطلعها .
إن خط الإعداد الفعلي الداخلي في بغداد تم بصعوبة بالغة بملاعب بسيطة زاد من صعوبتها إلغاء معسكر أربيل والاكتفاء بمعسكر الدوحة الخارجي لتسعة أيام فقط، مع جميع تفاصيل هذه الصورة المرتبكة لايمكن أبداً الحكم والتسليم بأن المنتخب الفتي الجديد سيكون لقمة سائغة للغير، بل العكس هو الصحيح، وأشاطر الكابتن عزيز تأمله بأن يكون الظهور مشرفاً باسم العراق ومكانته في منتخب جديد خطّ لنفسه السير تحت أشعة الشمس بعيداً عن العتمة والتقولات !
شخصياً اعتقد أن منتخبنا الناشئ إن تمكن من فكّ رموز مباراته الأولى أمام إفغانستان واستعاد الثقة بالنفس واللعب بروح الكبار روحاً لاعمراً مثبتاً في الأوراق الرسمية فإنه سيكسر الحاجز الآخر ومابعده ويكشف عن روح الموهبة والإبداع التي يمتاز بها اللاعب العراقي بخامات ورثت الكرة وحبها من الطرقات وطورتها التجارب الصعبة، من وحي هذه الثقة التي نريد غرسها في نفوس الصغار. اتمنى أن يدعم المنتخب بتجربته الأولى جماهيرياً وإعلامياً بأقصى الحدود وأن ننزع عنا وشاح اليأس الذي يسبق البطولة بتبعات غرب آسيا الأخيرة، لان كرة القدم متغيرة وتعطي لمن يعطيها وقد شاهدنا منتخب كرواتيا الكبير بنجومه ومركزه الثاني في المونديال ينهار بنصف دزينة من الأهداف الإسبانية والإجابة معروفة بالتأكيد، فكرواتيا الأمس ليست كما هي اليوم .
يقيناً أن أي نتيجة ايجابية ستتحقق ستلقي بأثرها الايجابي أيضاً على منتخبنا الشبابي بقيادة الكابتن قحطان جثير الذي ينتظره استحقاق آسيوي هو الأخر في اندونيسيا، ولا تختلف ظروفه كثيراً عن منتخب الناشئين. الحلقة الأخيرة التي أريد الإشارة إليها ستكون بمضمار داخلي للأندية جميعاً والاتحادات الرياضية لجميع الألعاب أن يكون نهجها الجديد لفرق الفئات العمرية مبنياً على واقعية التغيير بالأعمار والقياسات الحقيقية ونسيان فترة مظلمة سابقة أكلت من جرفنا الرياضي كثيراً، وآن لها أن تذهب الى غيررجعة.