TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كواليس: لم يعترضوا على مقارنة الأعمال المسرحية في الماضي والحاضر

كواليس: لم يعترضوا على مقارنة الأعمال المسرحية في الماضي والحاضر

نشر في: 17 سبتمبر, 2018: 06:43 م

سامي عبد الحميد

عندما نصل إلى الثمانينيات ويمر العراقيون بحرب طاحنة لا تمنع المسرحيين من الاستمرار بابداعاتم التي تتفوق على جميع أعمال هذه الأيام من الناحيتين الفكرية والفنية فقد رأينا كيف أبدع (قاسم محمد) في تصويره معاناة العراقيين في مسرحيته (حكايات العطش والأرض والناس). وكيف أبدع (عزيز خيون) في مسرحية عواطف نعيم (لو) الشعبية بحقٍ وحقيق. وكيف أبدع (صلاح القصب) في (هاملت) بأسلوب المغاير وباستخدام منطفي لازدواجية الشخصية. وأبدع (صلاح) مرة أخرى في إخراجه لمسرحية شكسبير (الملك لير) فكانت نموذجاً لما أسماه مسرح الصورة. ولم يستطع أحد من مخرجي هذه الأيام أن يحاكي اسلوبه رغم الادعاء بذلك. هل يستطيع أحد من مخرجي هذه الأيام أن يجمع في عمل واحد معظم طلبة قسم الفنون المسرحية في كلية الفنون كما فعلت أنا في مسرحية (كليوباترا) التي أعددتها عن ثلاثة نصوص لكل من شكسبير وبرناردشو وأحمد شوقي، وحققت في منظرها وفي أزياءها الدقة التاريخية لمصر القديمة؟ من ذا الذي يستطيع ان يقدم مسرحية بومارشيه (حلاق اشبيلية) وبنجاح كما فعل (عقيل مهدي). أذكّر أيضاً بنجاح (عوني كرومي) في اخراجه لمسرحية بريخت الشهيرة (الانسان الطيب من ستزوان) والتي شارك في تمثيلها أعضاء من فرقتين – المسرح الحديث والمسرح الشعبي. ولا يريد مخرجو هذه الأيام أن نستذكر الماضي حينما كانت الفرق الخاصة تنافس فرقة الدولة في أعمالها المسرحية وتضاهيها أحياناً. فأين هي تلك الفرق؟ هل ننسى او نتناسى مسرحية (ترنيمة الكرسي الهزاز) لفارق محمد وعوني كرومي وكيف استخدما محتويات دار تراثية كبيئة لأحداث المسرحية والتي لم يستفد منها مخرج مجدد منها بل بنى داخلها مسرح علبة؟
وحتى في مرحلة التسعينيات حين اتسعت رقعة المسرح التجاري وتنامت النزعة الاستهلاكية في الأعمال المسرحية كانت هناك ابداعات لم تصل إلى مستواها الفكري والفني أعمال هذه الأيام . كما كانت رائعة مسرحية (جسر أرتا) التي اخرجها (بدري حسون فريد) للفرقة القومية وكم كانت مثيرة مسرحية شعبية مثل (مطريمة) أخرجها للفرقة نفسها (عزيز خيون) وكم كانت احتفالية في عرضها مسرحية بيتر شافير (اصطياد الشمس) التي عرضت في ستوديو السينما في دائرة السينما والمسرح وكذلك مسرحية (طقوس النوم والدم) المعدة عن (ماكبث) والتي عرضت هي الأخرى في ذلك الاستوديو. هل قُدمت مسرحية هذه الأيام تعبر بصدق عن ما تركته الحرب من آثار سيئة على المجتمع العراقي مثل مسرحيات فلاح شاكر (الجنة تفتح أبوابها متأخرة) من اخراج محسن العلي و(مائة عام من المحبة) و(في أعالي الحب) من اخراج فاضل خليل، لم يكن الصدق فقط ما تتصف به تلك المسرحيات بل العمق والحقيقة والواقع. ومثلها كانت (المومياء) لعادل كاظم وغانم حميد.
لقد كان المسرح في العراق جريئاً في نقد ممارسات النظام القمعي السابق. وكان المسرحيون العراقيون يعرفون كيف يتفادون سوط الرقابة الشديدة المسلط عليهم كما حدث في مسرحيات مثل (إلى اشعار آخر) و(الكفالة) و(تفاحة القلب) و(هذيان الذاكرة المر). وهذا غيض من فيض.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram