محمد حمدي
من الممكن عدّ مشاركة منتخبنا للناشئين بكرة القدم في بطولة آسيا التي تقام حالياً في ماليزيا بأنها المشاركة الأكثر تحفظاً وارتباكاً طيلة مشاركاتنا السابقة على مستوى الفئات العمرية ولمختلف البطولات الإقليمية والقارية على حد سواء، فهذه المشاركة بفريقها الصغير تعرضت الى انتكاسات متكررة في التحضير والإعداد ونفسية الفريق وكوادرهم التدريبية المتغيرة التي سقط السابق منها بضربة قاضية تحت ذريعة الوقوف على رأس الهرم في منتخب مشكوك الصلاحية زمناً، وتأكد ذلك بحادثة المطار الشهيرة ومن ثم الإطاحة بأعمدة الفريق وكأن شيئاً لم يكن وهم الاكثر استعداداً لخوض غمار التصفيات الآسيوية، لتتم الاستعانة ببدلاء على وجه السرعة بقيادة الكابتن فيصل عزيز الذي تقبل المهمة متحدياً الظروف الصعبة بهاجس تصحيح المسار للكرة العراقية التي اعتمدت التلاعب بأعمار اللاعبين ردحاً من الزمن يعود الى فترة سحيقة.
ومع انطلاق المهمة الجديدة للفريق الفتي الذي يلعب ضمن المجموعة الرابعة بجوار منتخبات افغانستان التي كسبناها بشق الأنفس بهدفين لهدف ومنتخبات استراليا وكوريا الجنوبية، تأكدت صعوبة المهمة بالمقارنة مع الفرق الأخرى وقد أعلن فيصل عزيز ذلك صراحة في المؤتمر الصحفي الذي اعقب المباراة وبألم بالغ وهو يشير الى صحافة العالم بأن المنتخب الذي يشارك فيه حالياً لم يعد بصورة رسمية سوى لخمسة عشر يوماً لا أكثر، وعليه أن يواجه كبار فرق آسيا باسم العراق صاحب الانجازات على مستوى الفئات العمرية وبطل النسخة السابقة لآسيا، الحديث بهذا الشكل لا غرابه فيه ومعروف سلفاً، ولكن المتعب والمثير للحزن أن تنطلق النيران الصديقة على مستويات متعددة لتوغل في التجريح حول وجود لاعبين كبار أيضاً أو اصطحاب لاعبين مصابين وأخرى تدعي وصول اشارات الى الاتحاد الآسيوي تخص حالات تلاعب في الكشف الطبي واسماء اللاعبين وغيرها، والقريب من المنتخب وكادره يدرك تماماً مدى التأثير النفسي لمثل هذه الاعلانات والتصريحات، حيث لا حديث للبعثة العراقية في أروقتها غير الاشارة الى هذه التصريحات وتفنيدها بالرد هنا وهناك بمختلف الأساليب، وربما كانت تلك أحد أبرز العوامل في ظهور الفريق بأداء غير مقنع تماماً أمام الفريق الأفغاني المتطور الذي صنع منه مدربه الإيراني الأصل سيد كاظمي فريقاً للمستقبل على حدّ وصفه.
وللحقيقة التي لابد أن ندونها هنا وأنا قريب جداً من جميع الفرق في البطولة، أن نوعيات واحجام البنى الجسمانية للفرق المشاركة تفوق منتخبنا بنسبة كبيرة، ولا أريد أن اتهم أياً منهم بالتلاعب في الأعمار حتى لا يقال إننا نضع الأعذار ونصطنع المبررات، والميزة الأخرى التي تكسبهم أفضلية هائلة هي المشاركة بأعصاب باردة وانفتاح رائع بلا منغصات أو اية مشاكل تذكر، لقد أدركت اثناء تواجدي هنا حقيقة ما لدينا وما لديهم في كل شيء حتى من الناحية التنظيمية، وبالرغم من أن ماليزيا أحد البلدان المتقدمة جداً وتضيّف على أرضها مقر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، إلا أن التنظيم اليوم وفي هذه البطولة التي تقام على مستوى آسيا هو تنظيم فقير بكل شيء، واعتقد لو أن ذات البطولة قد نظمت بهذا الشكل في العراق، لانقلب سافلها أعلاها ولضربنا في الصميم مع أن جميع ما نوفره لأي فريق ضيف يفوق عشرات المرات ما لدى الآسيوي وماليزيا، ولنتكلم مثلاً عن الجهد الإعلامي الآسيوي المتواجد للتغطية، فليس هناك من وسيلة نقل تقله الى الملاعب ومقار المؤتمرات الصحفية المتباعدة، كما ليس هناك من تجهيزات تذكر لمواقع المؤتمرات داخل الملاعب البسيطة ومنها ملعبنا الذي خضنا فيه نزالنا الأول، حقائق لابد من طرحها والتوقف عندها كثيراً والتريث ألف مرة قبل اطلاق التصريحات التي تمسّنا فنياً ولوجستياً.