علي حسين
أعترف بأنّ شغفي بمتابعة أخبارعباس البياتي جعلني أرفض إقناع نفسي الأمّارة بالسوء تجاه السياسيين وخصوصاً المؤمنين منهم ، إنّ السيد عباس البياتي تخلّى عن فكرة استساخ السيد نوري المالكي وقرر أن يبدأ التجربة بنفسه ، عملاً بالمثل الشعبي " مركتنه على زياكنا " فاستنسخ لنا سياسيّاً آخر اسمه عباس البياتي أيضاً ، والطريف أنّ البياتي بنسخته الأولى لا يقلّ شأنا عن البياتي بنسخته الثانية ، بدليل أن الآخر وبلحظة صفاء تخيّل نفسه " نائماً " ، عفواً أقصد جالساً على مقعد السيد فؤاد معصوم . كنتُ ولا أزال أعتقد أنّ السيد عباس البياتي سيصبح في يوم من الأيام جزءاً من تراثنا الشعبي وجزءاً كوميديّاً من المسخرة السياسية التي لانزال نعيش فصولها ، ومثل كثيرين غيري سحرتني طلّة السيد عباس البياتي بتقلباتها من دولة القانون إلى النصر ، ومن طهران إلى أنقرة . هناك حكمة صينية قديمة تقول ،إن الرجال العظام من عيّنة عباس البياتي وصالح المطلك وعزت الشابندر عندما يوضعون في غير أماكنهم يتحوّلون إلى مصيبة عامة ، وأنا يا ياسيد عباس البياتي مواطن كان يأمل أن تكون أنت وصحبك في مكان آخر غير مجلس النواب أو مكتب رئاسة الوزراء ، وأن تشعروا بالحرج عندما تفكرون مجرد تفكير في الجلوس على كرسي رئيس الجمهورية .
سأقدّم من هذا المكان اعتذاراً واضحاً وصريحاً للسيد عباس البياتي ، ولجميع السياسيين الذين أزعجتهم كتاباتي ، وﻟﻜﻦ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ عليهم أن يبرئوا ذمتهم أﻣﺎم اﻟﻨﺎس أوﻻً، وأﻣﺎم التاريخ بأنهم ﻟﻢ يكونوا أﺣﺪ أﺳﺒﺎب الخراب الذي تدهور فيه كل شيء : مؤسسات الدولة ، ضمائر السياسيين ، نزاهة المسؤولين ، وقبل هذا وذاك روح المواطنة التي تتبخر في أزمنة النفاق والطائفية ، والأهم نحن نعيش منذ 15 عاما مع مسؤول يبيع للناس طمأنينة زائفة مقابل أن يحصل على مزيد من الثروات ،مستغلاً خوفهم وقلقهم، ورجل دين يلوّح بغضب الخالق على عباده الذين يعصون "أولي الأمر"! ، واحزاب حولت السياسة الى فوضى وحروب بائسة.
اليوم لم تعد السيرة الذاتية للمسؤول مهمة كثيراً. ولم يعد المؤهل والكفاءة هما اللذان يربحان المنصب ، فهذه أمور أُلغيت في كل مكان وفي جميع المستويات، ولايوجد استثناء للأسف .
يا سيد عباس ، عندما نكتشف انك لست المرشح لرئاسة الجمهورية ،هذا لا يعني أنك لا تطمع بهذا المكان ، يا عزيزي نحن مدينون لكم بالكثير من الضحك ، فاعذرنا ان حلمنا معك بفاصل كوميدي جديد .