علي حسين
قال لي أحد الزملاء هل أنت متفائل؟ قلت له أنا"متشائل"على طريقة الكاتب الفلسطيني الراحل أميل حبيبي، ومثل بطل روايته أبي سعيد، أريد ألاّ أحترس بكلامي، وأنا أوجه خطابي لرئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي.
منذ أيام والجميع يتحدث عن مشاريع التغيير والإصلاح، لكنّ المواطن يعرف جيداً أن ما يقال على الفضائيات لا يعدو كونه مجرد كلام، الذي أعرفه خلال خمسة عشر عاما عشناها مع الخراب، أن القضية لم تعد مجرد تغيير وإصلاح، بل إنقاذ العراق، وقد أعطيت نفسي أكثر من فرصة أتفاءل فيها بما سيفعله حيدر العبادي، وكنتُ مراهنًا نفسي على أنّ العبادي سيخلع"معطف"حزب الدعوة، ويرتدي ثوب رجل الدولة، ويبدو أنّ المتشائم انتصر في النهاية وخسرت الرهان، مثل كلّ مرة أراهن فيها على مسؤول عراقي، وفي هذه الزاوية المتواضعة كنتُ بين الحين والآخر أُصدّع رؤوس القرّاء، بحديث عن رجال دولة تاريخيين، استطاعوا أن يصمدوا بوجه المغريات، فخلّدهم التاريخ بأن أبعد عنهم غبار النسيان.
شيء مؤسف أن لا يكون لدى الكاتب ما يكتبه للقرّاء سوى التشاؤم والسخرية من الأمل، ولكنني سأترك"المتشائل"جانباً وأتمنى على السيد عادل عبد المهدي أن يخبرنا ماذا سيختار: السعي إلى لمستقبل أو الإصرار على التبرّك بالماضي، نظام سياسي يعتمد على الكفاءة والنزاهة أم نظام يصفّق للمحسوبية والانتهازية؟
هذه الاسئلة وغيرها تشغل بال معظم العراقيين، وهي تطرح في كل حوار بين اثنين من العراقيين. السيد رئيس الوزراء عليك أن تدرك أنّ صناعة الفشل لا تقلّ خطراً على الدولة من صناعة الإرهاب، الثانية تضرب في الدولة على أمل إسقاطها بالقاضية،، لكنّ الأولى تجعلها تتآكل من الداخل حتى يجد المواطن نفسه أمام مؤسسات حكومية عاجزة عن الوفاء بأيّ التزام، لأنّ التزامها الوحيد هو للطائفة والعشيرة وليس للمواطن.
اليوم الناس تعيش في ظل مؤسسات وأحزاب وشخصيات لم تتمسك إلا بالصدأ والتخلف والسبات. وفي ظل مسؤول محصّن ضد الفرح والنزاهة والكفاءة، مستمتع بثقافة التخلّف، كاره لحضارة الازدهار.
في كل دول العالم يسبق المسؤول مستشاروه. فيما المسؤول العراقي يصل من"الحزب والعشيرة"وهو يدّعي ختمه لعلوم الأرض والسماء. ويعتقد أن التفويض الذي منحه له البرلمان، يسمح له بأن يختار"ابو علي الشيباني"مستشاراً أعلى، ويطارد في المحاكم كفاءةً بحجم سنان الشبيبي.