TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: فراشة على كتف تارا

قناطر: فراشة على كتف تارا

نشر في: 6 أكتوبر, 2018: 08:21 م

 طالب عبد العزيز

أخذنا عمر ، ابن مدينتنا، البصرة، والمقيم في اسطنبول، منذ سنوات -كان اسمه تهمة فغادر المدينة محتفظاً برقبته- الى ضاحية (اميننو) تحت الجسر، الذي لا تجتازه العبّارات،إنما تركبه السيارات الى الضفة الثانية. وفي مطعم، بين مطاعم وبارات لا تعدُّ ولا تحدُّ، أقيم بين الماء وسقف الجسر من الأسفل، تقدم صاحبته النبيذ بالسمك المقلي والعرق بالاطباق التركية الشهيرة، أجلسني، وما كنت لأسأل النادل عن الليل ومنقضاه ولاعن الطاولات ومنتهاها، فاصطفيت الممر الطويل سلماً ومشيت، مشيت، الشوراع في اسطنبول كلها للنساء والسراويل، التي يثقبها الخيّاطون من جهة الفخذ مرة، ومن البطن والمؤخرة مرتين وثلاثة، سألتُ عمرَ باباً الى البحر فدلني، وهناك أطلت الوقوف، كان ضيقاً( البحرُ) حتى انني قلت له : أنت، والله، اضيق من شط العرب في هذه، وماؤك، مالح، مرٌّ ، نعم وتعبرك الناس، لكن،ليس الى التنومة والعشار، انما لآسيا وأوروبا، لكنك نهر بحق ،نعم النهر، أنت ، فقد آنست ناسك، وأضات الليل للصيادين والسكارى، آمنتهم من قتل وآويتهم من مطر وبرد - تترك صاحبةالبار ملافع من الصوف، ملونة على المقاعد، هي لمن شاء ومنشاءات وجاءً عن برد- فلا تشغلني بالمفاضلة، ما أنا بمقارنك بأحدمن الجسور التي هناك.
في الليل، ضلّ السائق طريقاً، فقادني الى المتنزه، الذي نهايته عند البحر، كانت بغيتي امرأة، رأيتها مرة تسعى بين الحديقة والجسر، أو بين المسجد وما يجاوره والسوق. هناك، قلتُ: سأنتظرك ، ساعة تكون الموجة كاملة على الماء، فمنحتني من شعرها عطفة. مرّت الريح باردة، وأثلجت كأساً كنت شربتها، واهتزت شجرة كنت اتخذها مجلساً، لم تهدأ أغصانها، فطارت نوراس وعصافير كثيرة منها، ومن ثقوب كثيرة في رأسي وجدتني قائلاً: هذه بلاد يعيب عليك جارك إن لم تضع في شرفتك أصيص ورد، وتستقبح النساءُ فيها عليك صمتك عن جميل ما ارتدين من قميص وسراويل، ويشنّع عليك أهلها فعلك إنْ لم تأخذ روحك شيئاً من موسيقى ونبيذ.
لم يحتمل قتلة تارا فارس وقوف فراشة واحدة على كتفها،شنّعوا عليها عُطل فؤادها، إذ سقط نصيفُها عن صدر أبيض جميل،ذات يوم، أرادت فيه أن تحتفل بما في الجسد من فتوة وافتتان. من أعلى نقطة في الجسر الطويل صرختُ: هيييييه، ياانتم، يا قتلة تارا: تعالوا، انظروا، عاينوا التماسيح والصقوروالنسور والدينصورات التي على خصور ومؤخرات النساء في اسطنبول.
تعالوا وخذوا ما شئتم من الخصور والصدور والسيقان التي تحرسها الشرطة ويحميها القانون وتتلطف بها الأعين والقلوب،كل شوارع المدينة آمنة منكم يا كلاب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram