علي حسين
لن أُحدّثك اليوم عن الاكتشاف الخطير الذي أعلنه السيد وزير الداخلية من أنّ قاتلي الفتيات في بغداد ينتمون إلى جهات متطرفة،ولا عن النائبات"اللبوات"اللواتي يخجلن أن يقدّمن تهنئة لامرأة عراقية حصلت على جائزة نوبل للسلام، ولا عن التغيير الذي يرفع لواءه اليوم معظم ساسة الأمس، ولا عن العملة التي أصرّ محافظ البنك المركزي بالوكالة أن"يطمغها"باسمه، والتي شغلت العراقيين وحظيت بنصيب وافر من علامات الاستفهام والتعجب!!.
عليك وأنت تقرأ هذه السطور أن لا تسخر من العبد لله وتقول إن المسألة هامشية، أو أنها من صغائر الأمور، فلماذا تعملون من الحبة قبة، لكنها في الحقيقة ياعزيزي صاحب الاعتراض دليل واضح على ما وصلنا إليه من توازن، سُمّي توافقاً تجملاً، جعلنا منذ سنوات لا نتحرك خطوة واحدة من دون أن نحسب ما هي حصة هذا الحزب، وما الذي سيعود بالنفع على الحزب الآخر.
دعك من التعليقات الساخرة حول العملة التي أراد القائمون عليها أن لا يغتاظ منهم أحد فحوّلوها إلى لوحة تسطر المجد الذي وصل إليه الاقتصاد العراقي! ونفهم أنا وأنت أن الرفاهية التي وعدونا بها أصبحت من أحلام الماضي، وأن التقشف الذي كان حلماً، أضحى حقيقة لا خيــــــالاً.
كان يفترض أن ندخل بعد عام 2003 عصر التغيير الحقيقي : تحديث الحياة وفتح باب الامل والازدهار الاقتصادي والصناعي والزراعي والعدالة الاجتماعية للجميع وتشجيع الوئام والمحبة. لكننا بدلا من ذلك اصبحنا نختلف على من هو مؤسس بغداد، وتصبح الطماطم عملة نادرة في البيوت، ونصمت ونحن نقرأ ونسمع ان جهات متنفذة تسرق نفط البصرة في وضح النهار.
نعود إلى العملة العراقية، وأتذكر أن بريطانيا"الاستعمارية"قررت قبل أكثر من عامين أن تضع صورة كبارها من أمثال تشارلز ديكنز وجين أوستن وتشرشل على العملة، كدليل على العرفان والاحترام، وهو تقليد تتبعه أوروبا كلها كنوع من التقدير للذين قدموا خدمات جليلة لبلادهم.. ولا أعرف والحال لماذا استبدلنا اسم محافظ البنك المركزي، بدلاً من صورة عباس البياتي وخالد العطية وأسامة النجيفي!
من يقدر من حضراتكم أن يعرف لماذا يجتمع المالكي والخنجر الآن، ولماذا يتعانقان، ولماذا يحضر واحد باسماً والآخر مبتسماًعلى طول المدى، نرجو إفادتنا. أنا لم أعد أتابع التفاصيل وأكتفي بالبيانات فيوماً تهديد ويوماً عبوات ناسفة تحصد أرواح الأبرياء، ويوماً شدّ الأحزمة على البطون، وأياماً كلّها"فرهوووود".