علي حسين
منذ أن خرج علينا بهاء الأعرجي ليعلن بصوت عالٍ": إن المناصب تحت القندرة"، ومسؤولونا الأكارم يعتقدون أن هذا الشعب ناكر للجميل، وتبلغ به الوقاحة مبلغاً تجعله ينكر على ساستنا"الافاضل"العديد من المنجزات العظيمة!.
قبل أشهر ذكّرنا السيد فالح الفياض مستشار الأمن الوطني بهذه الإسطوانة وهو يعلّق على قرار إعفائه من مناصبه قائلا إن"كل المناصب التي أخذتها لاقيمة لها"والرجل مشكوراً لم يفتّه أن يطمئن الشعب العراقي الذي خرج يهتف بالساحات باسمه بأنه باق في منصبه ولا يهمه ما يقرر العبادي، فهو جاء للمنصب بحسب معتقداته، وليس بحسب أوامر تصدر عن الحكومة التي يعمل فيها، ولهذا كان لابد أن يصدر قرار من القضاء يحذرنا من التخلي عن فالح الفياض لأن غيابه عن الساحة سيُعيد الفوضى الأمنية، ولأن الشعب لايدرك حجم الاضرار التي سيتعرض لها العراق، والخسائر المستقبلية التي سيعجز معظم العراقيين عن تداركها. وأنا أقرأ قرار عودة فالح الفياض تصورت أن الامر يتعلق بشخص آخر وليس فالح الفياض الذي تسلّم مستشارية الامن الوطني عام 2011، ومن يريد ان يعرف حجم الضحايا الابرياء الذين سقطوا منذ ذلك التاريخ، سيجد اننا نستحق أن ندخل موسوعة غينيس بالخروقات الامنية.
عزيزي القارئ وأنتَ تقرأ قرار عودة الفياض"منتصراً"الى مواقعه، أتمنى عليك أن تُنعش ذاكرتك بأن الفياض لم يخرج علينا يوماً ليقول انه يتحمل ولو جزءاً بسيطاً عن الخراب والفوضى الامنية التي حصلت في البلاد منذ عام 2011 وحتى عام 2018.
بماذا يذكّرك هذا القرار"الثوري"حتماً بأحداث مرّت عبر التاريخ كان أبرزها اللحظة التي خرجت فيها تظاهرات تطالب برحيل ديغول، الرجل الذي قاد المقاومة ضد المحتل النازي، ووضعها في مصاف الدول العظمى، لم يجد غير كامة واحدة قالها :"سأرحل"نسيت أن أخبركم أنّ"ديغول"لم يذهب الى القضاء، ليقول لهم أعيدوني الى منصبي.
في مذكراته يَذكر الجنرال مونتغمري أنه قرر أن ينفذ امر الإحالة على التقاعد بعد ان انتصرت بريطانيا في الحرب العالمية الثانية، القائد الذي قهر جيوش الالمان، لم يطلب استثناء، ولم يعيّن أقاربه في الجيش، بل أصرعلى أن يمنع أبناءه وأشقاءه من استغلال اسمه.
ربما سيهزّ فالح الفياض يده ساخراً وهو يقول: إن هذه شعوب غير مؤمنة، ولا تقدّر تضحيات قادتها، وتحتاج إلى"فاصل وسنعود".