طالب عبد العزيز
معظم الدلائل الفنية تشير الى خطورة إقامة السد، على شط العرب، لمنع تدفق المد الملحي من الدخول فيه، وبحسب مختصين في شوؤن المياه، فأن الشط سيتحول الى بركة آسنة، كثيرة الجزر وسيندثر في غضون سنوات، وسيبني المحوسمون منازلهم عليها، نتيجة الطمي والغرين الذي يأتي به نهر دجلة والأنهر التي تصب فيه، حيث سيقوم السد بمنع الترسبات هذه من الذهاب الى البحر.
اجتهد كثيرون من ذوي الاختصاص في البحث عن مخرج للأزمة، وانتشرت في مواقع التواصل مخططات ومرتسمات كثيرة، أيضاً، كلها تتحدث عن سدود وقنوات تصريف ومشاريع ري، لكن، لا نتيجة لذلك. الكل خائف ومتردد، والحكومة بلاخبرات فنية، لم تستشر شركة متخصصة، ويبدو أنها تنتظر منن تركيا بزيادة الإطلاقات المائية في دجلة أو تتوسل إيران لكي تفرج عن اطلاقات مائية كاذبة في شط العرب، والحكومة الفدرالية لم تتشكل، ذلك لأن مزاد الوزارات لم يبدأ بعد. فيما يكتوي البصريون بأزمة الماء المالح منذ أربعة أشهر أو أكثر، وقد أخفقت العتبة والحشد والحكومة المحلية وحكومة بغداد، هؤلاء كلهم، مجتمعون، أخفقوا ولم يفلحوا بإيجاد حل نهائي حتى لأزمة شبكة ماء الإسالة، إذ أن ما تؤمنه قناة البدعة لمشاريع الاسالة لا يتجاوز الـ 25% من حاجة المدينة.
مازال الحوار قائماً بشأن تحديد نقطة إقامة مشروع التحلية المزمع إقامته على البحر، فريق يقول بأن منطقة سيحان هي أفضل من الفاو وآخر يرى العكس، وكلهم يجمعون على أن التراكيز الملحية عالية في خليج البصرة وبحر الفاو، وأن الكلف تتعالى كلما ارتفعت التراكيز، وبعضهم يرى أن أرض الفاو رخوة، قد لا تتحمل إقامة مشروع عملاق عليها، فيما تحولت أنهار قضاءي ابي الخصيب وشط العرب الى مصبات لمجاري المياه الثقيلة والخفيفة تزيد القذارة قذارة الى أنهار شط الترك والخندق والعشار والخورة التي مازالت تضيف الى تلوث شط العرب تلوثاً دونما حلول حقيقية للأزمة التي تجاوز ضحاياه الـ 11 ألف مواطن.
ولأننا، في مجتمع البصرة، أبناء فلاحين، تتلمذنا في مدرسة الزراعة والسقي فقد آلمنا أن لا يجد هؤلاء، كلهم مخرجاً لأزمتنا التي أكلت الأخضر واليابس في المدينة التي تنتج أكثر من 3 مليون برميل يومياً، والقادرة على استقدام عشرات الشركات والخبراء الدوليين في ضحى يوم واحد والبدء بالبحث عن الحلول النهائية.
قد لا يتصور أحدٌ في بغداد حجم الكارثة البيئية التي حلت بالبصرة!! إذ، بإحصائية بسيطة، وبافتراض أنَّ شجرتين هلكتا في كل حديقة منزل بصري، سيكون أن البصرة فقدت مليون شجرة وأن مئات الآلاف من الطيور والاسماك قد نفقت وأن كل ما كان أخضر وظلالاً بات شمساً تحرق وكل ما كان هواءً نقياً أوكسجيناً صار ثاني أوكسيد الكاربون وهكذا. ترى، هل لدى الحكومة المزيد من الوقت لكي تصمت، وكم تريد من حالات التسمم لكي تقنع بوجوب التعجيل بالحل لأزمة المدينة بملايينها الثلاثة.