علي حسين
اليابان مهمومة شعباً وحكومةً في الإمبراطور أكيهيتو الذي سيحيل نفسه إلى التقاعد عام 2019. قبل هذا التاريخ بسبعين عاما كان من الصعب ان يحلم اليابانيون بتقاعد إمبراطورهم الذي أطلق على نفسه صفة"إله الشمس"، لكن بعد الهزيمة في الحرب العالمية الثانية تحول الى إنسان عادي يموت وينهزم، ويحال إلى التقاعد مثل جميع موظفي الكرة الارضية، لذلك عشتُ أمس اللحظة التي عاشها الشعب الياباني وهو يقرأ ويسمع في الأخبار أن إمبراطوره المحبوب سيتقاعد، فلم أصدق حتى هذه اللحظة أن السادة نوري المالكي وإياد علاوي ومعهما أسامة النجيفي يمكن أن يحالوا في يوم من الايام الى خانة التقاعد، وهم الذين ظلوا أشبه بشموس ساطعة تطلّ علينا كلّ صباح، لتذكرنا بما وصلنا إليه من تقدم أصبحنا ننافس به صناعيّاً أميركا واليابان وألمانيا، ورفاهيّاً نتفوق على النمسا وعاصمتها فيينا، واجتماعياً تحسدنا دول مثل هولندا والنرويج.
تُظهر الصورة الشموس الثلاثة وهم يحيطون رئيس الجمهورية فؤاد معصوم وتبدو على وجوههم علامات التعجب، هل صحيح سيحالون الى التقاعد؟، يستحق نواب الرئيس الثلاثة 30 مليون برقية شكر من العراقيين، ليس فقط لأنهم ساندوهم ووقفوا إلى جانبهم عندما خذلهم برلمان زيمبابوي وحكومة جزر القمر،، وإنما وهذا هو الأهم،لأنه بمهنيتهم وحرفيّتهم وموضوعيتهم، كانوا مدافعين حقيقيين عن الإنجاز غير المسبوق الذي حققه البرلمان في تخصيص راتب 40 مليون دينار عراقي عداً ونقداً لرئيس مجلس النواب الاسبق محمود المشهداني، فقط من أجل أن يهدأ ويجلس في البيت.
دعك من أن الشعب العراقي بكل طوائفه، استكثر على المشهداني هذه الملايين لشراء مسلسل يستعرض"جهاده"المعلن وغير المعلن، علما بان الشعب المغرر به من قبل الإمبريالية الأميركية وحكام السعودية وقطر وتركيا، لو صمت على تقاعد اعضاء مجلس الحكم والبرلمانيين السابقين، لكانت هذه الملايين عادت عليه أضعافا مضاعفة كحصيلة إعلانات ترافق جلسات الحكومة ومجلس النواب.
قبل ما يقارب الخمسين عاما أحال الجنرال ديغول نفسه إلى التقاعد، ذهب يعيش في قرية جنوب فرنسا كان لا يملك أكثر من أن يمازح الفلاحين حول محاصيلهم، ويجلس ليسطر أهم ما خطه سياسي في التاريخ، مذكراته التي أسماها"مذكرات الأمل"، ولم يكن باني سنغافورة يحب إلقاء الخطب، وعندما قرر ان يتقاعد ظل يعشق البناء، بناء المدن وبناء الانسان، وطوال مسيرته السياسية، لم يظهر واقفاً على منصة ينتظر"الاهازيج".