إياد الصالحي
حَجَر فكْرْ السلطة المتناوبة على كابينات حكومات وطننا منذ تأسيس الدولة شباط 1921 حتى يومنا هذا على سياسة منح المرأة منصب وزيرة الشباب والرياضة، ومارس أسوأ اضطهاد معنوي لعشرات الرائدات في الرياضة ممّن أكملن الدراسة الجامعية وقضينَ مشواراً طويلاً في تربية أجيال من كلا الجنسين في كليات التربية الرياضية، وتسنّمنَ مواقع جديرة بالثقة لهنَّ في مؤسسات تحتكّ مباشرة مع صناعة البطل وتنظيم قاعدة الألعاب ورسم ستراتيجيات ناجعة ترتبط بمفهوم نجاح الإدارة من تكامل أدوات رئيسها وتوفير المال ونزاهة الإنفاق على مشاريع التطوير.
بقي استيزار الرجل لمسؤولية النهوض بالشباب والرياضة حِكراً عليه دون نمط مغاير يأبه لقدرة المرأة على تنفيذ الواجب الوزاري بكفاءة، بل وتفوّق على الرجل في مفصل توظيف الأموال للمشروع المناسب وتقنينه للضرورات، وهذه واحدة من موجبات مقترحنا اليوم بمنح عديد المتفوّقات أكاديمياً وخبرة وسمعة وتأثيراً في الوسطين الشبابي والرياضي فرصة العمل من رأس الهرم في الوزارة أو وكيلة لأحد القطاعين "الشباب أو الرياضة" مع كسر حاجز الأنانية التي غالباً ما ترى في صورة المرأة أنها ضعيفة بمواجهة تحديات أتخاذ قرارات مهمة تنتشل واقع الشباب والرياضيين من قيود الروتين والتخلّف وانحسار الآمال في بلوغ النجاح.
أن تأثير المرأة المتمكّنة فكرياً وذات الكاريزما الحازمة في تغيير واقعي الشباب والرياضة كبير جداً ويصل بنا إلى أبعد نقطة من التفاؤل المنطقي، ويكفي أنها لا تنظر للأشياء بقلب جلد وقصر في الرؤية وميل للتكتل ومحاباة على حساب الحق وتهوّر لمعاداة اتحاد أو نادٍ لمصلحة معينة كما حدث في جميع الحقب الوزارية منذ عام 2003 حتى الآن، بل إن قلب المرأة يسع هموم الشباب والرياضة معاً ولا يهمل أحدهما أو ينبض مع ضربات إعلامية بقصد كسب التأييد الواسع لمنافع انتخابية!
من أين جئتم بقناعات نسجها خيال السطوة الذكورية بلا سابقة بأن حقيبة وزارة الشباب والرياضة أثقل من أن تحمل ملفاتها وتراكماتها إمرأة تنتظرها مسؤوليات جِسام في الدورة المقبلة؟ الحرص والكفاءة واللباقة وتحدّي الذات ومحاولة النجاح كلها مشتركات طبيعية العراقية التوّاقة لمجابهة أقسى الظروف وأمرّها، ولدينا شخصيات محترمة يستحقن الثقة والتعاون مع الدوائر المرتبطة بالوزارة لتسيير أعمالها والتوازن في دعم قطاعي الشباب والرياضة عبر تفعيل دور وكيليها اللذين أطبقا بالصمت وشلّت حركتهما في عهد الوزير عبدالحسين عبطان لأسباب عمد الى تسطيحها وكتم خفاياها في آخر لقاء معه بقوله لمراسل إحدى القنوات ( أتركها.. هاي مو وقتها ) !
قلّة مدركة بوعي تام ممّن ينضوون للرياضة والإعلام وميدان الشباب يحسبون للوزارة حساباً انسانياً صِرفاً أهم من بناء الملاعب واللهاث وراء كسب المواقف الدولية، وتضييق الخناق على الاتحادات والأندية بإجراءات ترهق ميزانياتها، هذه القلّة تؤمن بأن المرأة أكثر من يجيد تحفيز البطل لصناعة الانتصار مهما كان صعب المنال، وأنقى قلب يداري شيخوخة رياضي أعمى دمع التوسّل عينيه لإنقاذه من مرضه وتروح تتفقّده وتلبي احتياجاته بلا وساطة ولا تملّ من سماع شكواه، وأذكى مخلوق يتماهى للمحات النقد إذا ما صدرت عن إعلام صحّي غير موبوء بالحقد والرغبة بالتسقيط والمشاكس أمام الشاشة بتصرّفات تنمّ عن عدم بلوغ سن الرشد مع أن بعضهم تجاوز سن الثلاثين!
مهما عدّدنا من محاسن إناطة المرأة حقيبة الشباب والرياضة أو موقع الوكيل -أضعف الإيمان- تبقى رؤية رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي هي الأصوب كونه مسؤولاً أمام الشعب ونوابه لإنجاح أهم قطّاع في كابينته المؤمل الكشف عنها قريباً، ومن دون شك نثق بأنه سينصف المرأة وفق الاستحقاق المناسب لتأخذ دورها في تعزيز فرص عمل الشباب بمبادرات وطنية وانسانية هي الأجدر بتبنيها بلا منازع، والقضاء على الفساد، وتهيئة بيئة مجتمعية وتربوية وصحية ترتقي بالوطن بين جيرانه وأصدقائه.