adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
التبسَ عليّ الأمر كثيراً جداً وأنا أقرأ هذا الخبر.
مصدر الخبر عراقي: الشركة العامة للاتصالات التابعة لوزارة الاتصالات العراقية.
الخبر يتعلّق بقرار لهذه الشركة بخصوص خدمة تقدّمها، لكنّ المضمون له هوية أو جنسية غير عراقية .. إيرانية على وجه التحديد.
الخبر يقول إن مكتب وزير الاتصالات أعلن الإثنين، أمس، في بيان أنّه "دعماً لزوار أربعینیة الإمام الحسین علیه السلام باشرت الشركة العامة للاتصالات بتخفیض أسعار المكالمات الدولیة بین العراق وجمهوریة إیران الإسلامیة بنسبة 50 % بشكل مؤقت خلال مدة الزیارة للفترة من 18/10 ولغایة 1/11/2018"، ويضيف أن "الشركة وافقت على تفعیل خدمة الاتصال المجاني على الشبكات اللاسلكیة والأرضیة إضافة الى فتح 15 رقماً هاتفياً للإتصال المجاني، حیث جاءت هذه القرارات على ضوء اجتماع مجلس إدارة الشركة العامة للاتصالات بجلسته المنعقدة بتاریخ 16 تشرین الأول 2018 الهادفة إلى تنفیذ توجیهات وزیر الاتصالات حسن كاظم الراشد على ضرورة تقدیم حزمة من الخدمات الاتصالاتیة لزوار الإمام الحسین علیه السلام أهمها تخفیض أسعار المكالمات الدولیة".
قبل كلّ شيء، الخبر يؤكّد وجود قدرة لدى شركة الاتصالات ووزارة الاتصالات على تقديم خدمات اتصالية خارجية على نحو يسير، ولابدّ أن هذا القدرة تنسحب على الاتصالات الداخلية، فلماذا لا توفّر الشركة والوزارة هذه الخدمة للمواطنين العراقيين بالأجرة وليس بالمجّان؟ لماذا فشلت الوزارة والشركة حتى الآن في إعادة خدمة الهاتف الارضي كما كانت عليه من قبل؟ لماذا لا تيسّر الوزارة والشركة خدمة الاتصال اللاسلكي النقال (موبايل) لتكون المجهّز الوطني لهذه الخدمة الى جانب الشركات الخاصة الثلاث التي تحتكر خدمات الموبايل، وهي شركات بعضها يحتكر الرأسمال الأجنبي أكثر من 50 بالمئة من أسهمها وأرباحها؟
وزارة الاتصالات وزارة عراقية وشركة الاتصالات شركة عراقية.. هما الآن تقدّمان خدمة مجانية لمواطنين أجانب يدخلون الى البلاد لغرض الزيارة. لماذا يُستثنى المواطنون العراقيون من هذا الامتياز والوزارة وزارتهم والشركة شركتهم؟ .. ولماذا لم تبادر وزارة الاتصالات وشركة الاتصالات الى تقديم خدمة مثيلة للمواطنين العراقيين خلال محنة الاحتلال الداعشي؟ فقد نزح ملايين العراقيين من مدنهم وقراهم وتقطّعت بهم السبل وانقطعت مواردهم المالية، وقد سارعت دول أجنبية عدة لإغاثتهم وتقديم التبرعات إليهم (نصفها في الأقل سرقه الفاسدون من الوزراء والنواب والمحافظين وسائر مسؤولي الدوائر الحكومية ذات العلاقة)، ولماذا لم تبادر الوزارة والشركة الى تقديم خدمة مثيلة لمواطني البصرة في أيام محنة عطشهم وتسمّمهم هذا الصيف؟
تقديم التسهيلات للزوار والسياح الأجانب أمر لا اعتراض عليه، لكن لا ينبغي أبداً أن يكون في هذا تمييز وتفضيل لهم على مواطني الدولة الذين يتعيّن أن يكونوا الأولى بكل امتياز من دولتهم.
المواطنون الإيرانيون وسواهم الذين يجيئون الى البلاد للزيارة لابدّ أن يكونوا مُقتدرين مالياً وليسوا في حاجة لخدمات اتصال مجانية نقدّمها لهم، علاوة على الأكل المجاني والخدمات الصحية المجانية وغيرها، على حساب العراقيين الذين لم يزل الكثير منهم يبحثون في القمامة عمّا يأكلونه، أو يموتون بسبب عدم القدرة على شراء الدواء!
هل نقدّم هذه الامتيازات للإيرانيين على أساس المعاملة بالمثل؟ .. المؤكد أنه لا يوجد شيء من هذا في الجانب الإيراني. لماذا إذن يتعيّن على دولتنا أن تتبرمك على الزوّار الإيرانيين فيما هي تقصّر في توفير خدمات الكهرباء والماء والصحة والتعليم والري والنقل والسكن والصرف الصحي ونظافة الشوارع والساحات والمرافق العامة الأخرى لمواطنيها؟