إياد الصالحي
تركن البصرة قارب صبرها على ضفة العشّار، تُداري انتظار إطلالة العرب كي يديموا وصل الماضي، وينفضوا غبار الكدر، ويملأوا فضاء ملعبها الكبير ببخور الود وعطور الوفاء، ويمسحوا عنها دموع العتب بعد قطيعة طويلة أملتها محن العراق ونوائبه اللامنتهية في كل الأزمنة.
للإماراتيين معزّة خاصة لدى العراقيين مُذ أسّس الراحل زايد بن سلطان آل نهيان أول فيدرالية عربية حديثة عام1971 وعزّز دور الإمارات بعلاقات وطيدة في المنطقة، ومواقفه السخيّة بالذات مع بلدنا في مختلف الظروف، إذ بقي محافظاً على سياسة عدم التخلي عن القريب، وأوصى أبناؤه أن يسجّلوا حضورهم المشرّف قبل الجميع في مبادرات تنهض بالأمة لئلا تنكفئ حتى رحل عن دنياه كريم النفس،عطوف القلب، طاهر الوجدان، وحلّت ذكرى وفاته الرابعة عشرة قبل خمسة أيام.
صراحة تربّى المواطن الإماراتي قبل المسؤول على هذه المبادئ الخلاّقة، ووثّق الإعلام هناك بمختلف وسائله العديد من المواقف الطيبة، ولعلّ في مقترح الرائد الصحفي الإماراتي محمد الجوكر الذي ضمّنه مقاله في الزميلة البيان، أول من أمس الأثنين، بعنوان (هلا بيك هلا) دلالة كبيرة على عظم نفوس الإماراتيين وحبّهم المفرط لشعب العراق حيث دعا لاحتضان الأندية العراقية، صاحبة الشعبية الكبيرة، لإقامة الكلاسيكو العراقي يجمع الكبيرين الزوراء والجوية على أرض زايد الخير على غرار القمم الكروية لمصر والسودان والسعودية والمغرب، وقال "إنَّ الأشقاءَ العراقيين يسعون جاهدين لإعادة الحياة إلى ملاعبهم، وكرتهم صاحبة تاريخ حافل، ولها صولات وجولات في كل الدورات القارية والدولية، ووجودهم هنا، سيكون محل ترحاب وتقدير ومن واجبنا أن نساندهم وندعم دورهم في الساحة".
يكفي الاتحاد الإماراتي لكرة القدم مواقفه المتميّزة مع نظيره العراقي بفتح قاعات وملاعب الأندية في مدن أبوظبي ودبي والشارقة والعين لجميع منتخباتنا الوطنية التي تقيم المعسكرات وتخوض المباريات الرسمية والودية دعماً منه لنجاح الكرة العراقية، ولا حصر لعديد مواقفه التي سهّلتْ مشاركة فرقنا في مسابقات الاتحادين الآسيوي والدولي عبر (الأرض البديلة) وهذه فرصة جديرة بالمناقشة من اللواء محمد خلفان الرميثي، رئيس الهيئة العامة للرياضة الإماراتية، نائب رئيس مجلس أبوظبي الرياضي، والمهندس مروان بن غليطة رئيس مجلس إدارة اتحاد الكرة الإماراتي لمواصلة دعم ملف الحظر عن ملاعب العراق بأن يعكسا مبادرة الزميل الجوكر بتنظيم "كلاسيكو" دوري الخليج العربي الإماراتي على ملعب "جذع النخلة" في مدينة البصرة بعد استئناف الدوري في شباط2019عقب الإنتهاء من تنظيم بطولة كأس آسيا 17 مطلع العام نفسه.
إن وجود فريقين إماراتيين يلعبان مباراة (الكلاسيكو) على أرض العراق أمر مفرح جداً للجمهور العراقي المتعطّش للترحاب بأشقائه وتضييفهم والاحتفاء بهم، وستكون المرة الأولى على صعيد الأندية بعد مناسبتين فقط لمنتخبي البلدين الوطني والأولمبي على التوالي، جمعتهما الأولى يوم الرابع من نيسان عام 1979 في ملعب الشعب الدولي ببغداد التي ضيّفت الدورة الخليجية الخامسة وفاز منتخبنا بخمسة أهداف نظيفة، والثانية في الملعب نفسه يوم 16 أيلول عام1983 حيث تعادلا سلبياً ضمن لقاء الذهاب للمجموعة الآسيوية الثانية -التصفيات الأولية لدورة لوس أنجلوس الأولمبية24 لعام 1984.
نتوق لأن يترجم مسؤولو الرياضة الإماراتية مقترحنا هذا المتمّم لروح المبادرة النبيلة للزميل محمد الجوكر الى توجيه رسمي يستحضر كل موجبات إنجاح المباراة التاريخية لـ(كلاسيكو) الإمارات في البصرة وما يمثله التآزر بوجود أكثر من 60 ألف مشجع كرسالة إنسانية عظيمة للاتحاد الدولي لكرة القدم أن الجمهور العراقي يستحق رفع الحظر الكلي عن ملاعب مدنه من الشمال الى الجنوب، لينطلق في تنظيم كبرى البطولات والفعاليات و(الديربيات) بأرفع مستوى وأأمن ظرف وفق الشروط الدولية.