TOP

جريدة المدى > سينما > مقاربات جديد السينما العربية:إشتغالات مفتوحة على أسئلة تطال وضع المرأة والنبذ الإجتماعي وأحلام الشباب

مقاربات جديد السينما العربية:إشتغالات مفتوحة على أسئلة تطال وضع المرأة والنبذ الإجتماعي وأحلام الشباب

نشر في: 7 نوفمبر, 2018: 07:12 م

لندن- فيصل عبدالله

- تُدخل البريطانية/ الليبية نزهة عريبي في باكورتها الوثائقية "ملاعب الحرية"(99 د) مشاهدها مباشرة في صميم موضوعها، الا وهو عزم مجموعة من الفتيات اليافعات بممارسة رياضة لعبة كرة القدم المفضلة لديهن. إذ بعد عام من الثورة على نظام العقيد معمر القذافي والإطاحة به، مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2011، وعلى مدى ستة أعوام تدعونا عريبي الى متابعة فصول حكاية تلك الفتيات والتحديات الصعبة التي تواجهن. عبر مقابلات شخصية ومتابعات حصص التدريب، نتعرف تدريجياً على الشابة فدوى وصديقتها الأم المهجرة نعمة ومثلهما الطالبة حليمة. بين التصميم بتخطي عقبات النظرة الإجتماعية التقليدية للمرأة، خصوصاً من وجهة رجال الدين، وفي وضع سياسي لم تتشكل ملامح إستقراره ومعالم شكله بعد، توثق كاميرا عريبي، تتنقل عدساتها بين اللقطات المقربة والقطع السريع وبين التجول في الفضاء الخام والخاص، رحلة "نضالية" بتحقيق حلم. إذ وعلى خلف قرار الإتحاد الليبي لكرة القدم، تتكفل الفتيات بمصاريف رحلة السفر الى لبنان من أجل ملاقاة فرق كروية نسوية من البلد المضيف ومن فلسطين والأردن. ورغم ان نتائج تلك المباريات لم تكن موفقة في أغلبها، إلا انهن تمكنّ من رفع إسم ليبيا في محفل رياضي كما تقول أحداهن. شريط "ملاعب الحرية" سجل من دون شك نجاحاً في تسليطه الضوء على قصة إرادة مجموعة من الفتيات بتجاوز صعوبات، شخصية وإجتماعية وسياسية، وفي بلد خرج للتو من حكم القبضة الحديدية، إلا أنه يبقى نجاحاً ناقصاً في ظل إستمرار حالة الفوضى والإنفلات الأمني وما يتركه ذلك على وضع المرأة ودورها بشكل عام كما تسجل شواهد ذلك عدسة الكاميرا.
- الى ذلك، فان ما تعرضه المهرجانات السينمائية، خصوصاً الأوربية منها، من إشتغالات للسينمائيين المصريين الجديدة يوفر فرصة مهمة لمقاربة نتاجات جيل من الشباب له قراءاته وفهمه لما يجري حوله على أرض الواقع ولأسئلة الحياة. ولعل المثال الأبرز لبعض تلك الإشتغالات نجده مبثوثاً في "فرش وغطا" و "ديكور" لأحمد عبدالله السيد، و"آخر أيام المدينة" العمل المهم لثامر السعيد، و "شيخ جاكسون" لعمرو سلامة و "مولانا" لمجدي أحمد علي مثلاً. وكأننا إزاء هبّة تبشر بموجة سينمائية جديدة، أقرب في رسائلها الى أعمال الواقعية الإيطالية الجديدة، إن صح القول. وعليه وضمن هذه الهبّة يمكن إدارج عمل أبو بكر شوقي "يوم الدين"(97 د)، عرض في مهرجان كان السينمائي الأخير ومثله في مهرجان الجونة وفاز بجائزة الأخير الكبرى وأخيراً في دروة مهرجان لندن السينمائي الثانية والستين التي إنتهت أعمالها نهاية الشهر الماضي. إذ أعاد شوقي الى الشاشة الفضية موضوعاً، ربما، لم تتوقف عنده السينما المصرية بما يكفي، إلا وهو العزل والنبذ الإجتماعي فضلاً عن العلاقات الحساسة بين مسلمي وأقباط أرض الكنانة. العمل الأول للشاب شوقي يأخذ بيد مشاهده الى متابعة قرار بشاي (راضي جمال)، جامع القمامة وحبيس مستعمرة الجذام، بالبحث عن والده من أجل سؤاله عن أسباب إيداعه هذا المكان كطفل بعيداً عن أهله وأهل قريته. إذ ما ان تتوفى زوجة بشاي، نزيلة مشفى للأمراض العقلية، حتى يشد عزمه ويقرر العودة الى قريته ولكن بمعية الصبي أوباما (أحمد عبدالحفيظ). إلا ان رحلته تدخله في عالم غريب عليه ومليئ بالمفارقات الحياتية، هربه من موقف شرطة مع ناشط إسلامي من الجماعات المتشددة، تغيير اسمه الى محمد والصلاة في مسجد وهو القبطي. لا يبتز شريط "يوم الدين" عواطف المشاهدين، ولا يقع في مطب الإستسهال في تناول موضوع معقد وشائك، بل في صياغة سينمائية توازن بين ماهو فني وواقعي في آن.
- في حين يأتي عمل مواطنه مروان عمارة والألمانية جوانا دومكي "الحلم البعيد" (86 د) أقرب الى توثيق مبتكر لما أصاب قطاع السياحة في بلده جراء العمليات الإرهابية التي تستهدف السائح الأجنبي تحديداً. إذ يتحول أحد الفنادق الراقية، خال من الزبائن في منطقة شرم الشيخ السياحية، الى مسرح تتحرك على خشبته حيوات تبحث عن فرصة عمل او سفراً الى الخارج او هرباً من ضيق المدينة. خلو فندق "الشمس المشرقة" من زبائنه لا يعني توقف العمل اليومي، بل ان عمال خدمات تنظيف الغرف والطباخين والمشرفين على المسابح ومعدي الموسيقى الراقصة والسواق ومسؤولي الترفيه يواصلون أعمالهم اليومية وكأنهم في لجة زحمة الموسم. تورية ذكية لحالة البلد الإقتصادية والسياسية يضعها المخرج في باكورته على ألسن العاملين في ذلك الفندق، من يحلم بالسفر الى خارج بلده عبر علاقة متخيلة مع سائحة أوربية، من يهرب من غلاء المدن المعيشي ومن يقنع براتب سداً لحاجة مادية. وهكذا وكأن المشاهد إزاء أسئلة كبيرة تطال تأمين سبل العيش الكريم لقطاع واسع من الشباب في بلده.
- الهاجس الإجتماعي وأسئلة الحياة ومشاكلها تتسلل الى عمل السعودي محمود صباغ في عمله الجديد "عمرة والعرس الثاني"(95 د). إذ بعد ان قدم شريطه الكوميدي الأول "بركة يقابل بركة"(2016) وما حققه من نجاح تجاري، يعود هذا الشاب الى واحدة من المشاكل المنتشرة في بلده الا وهي تعدد الزوجات. وعبر حكاية عمرة (الشيماء طيب) الأم لثلاثة بنات وحيرتها الحياتية إزاء تدبر أمورها في ظل التهيئة لإقتران زوجها بشابة يافعة وجميلة. يتابع صباغ وفي إطار كوميدي مساعي عمرة في العمل المنزلي وصناعة المعجنات من أجل تأمين وضعها المالي، وعجزها عن دفع أثمان قناني غاز الطبخ ومحاولاتها في اللجوء الى السحر او لنصائح محتالة متخصصة بحل مشاكل المشاهدين لقاء مبلغ من المال. ذلك لا السحر ووصفاته ولا نصائح التلفزيون يمكن ان تغيرا من قدر عمرة، بل يتحول في نهاية الفيلم الى حل شخصي يفضح هذا التقليد ويدينه. ما تقوله الخلاصات أعلاه كبير في رسائله السياسية والإجتماعية والفنية، ولسينما تفترق قليلاً عن صياغات ماراكمته السينما العربية عبر تاريخها العتيد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram