TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > السطور الأخيرة: شهيق نصب الحرية، زفيره!

السطور الأخيرة: شهيق نصب الحرية، زفيره!

نشر في: 7 نوفمبر, 2018: 07:40 م

 سلام خياط

نمرق مسرعين أو متمهلين عبر ساحة الحرية ، حيث يشمخ نصب ( الحرية ) للفنان جواد سليم ، دون التوقف — ولو برهة —لقراءة مضمونه ككتاب مفتوح ، كأننا نوثق المقولة :: الإعتياد يقتل الدهشة .
………..
لخص جواد سليم بحثه في الجمال المأمول في جداريته الشامخة : نصب الحرية .ليختزل فيها رموز حضارة وتاريخ شعب بتقنية معاصرة ، وأصالة .. فأول ما يلفت إنتباه العابر المتوجه لساحة التحرير والنازل من منحدر جسر الجمهورية ، لافتة عريضة كتلك التي طالما رفعتها الجماهير في المكان ذاته ، طيلة تظاهرات النضال الوطني ، بعدما حرص المعماري رفعت الجادرجي على تشييد قاعدة النصب على مرتكزين متقابلين ، مرتفعين عن الأرض ، ليظهرا من بعيد كأنهما يدان ترفعان لافتة هي عرض الإفريز الذي ركبت عليه وحدات النصب …
كما إن النصب يشاهد من بعيد . كأنه بيت شعر ، بعدما وظّف ( جواد ) كينونته كنصب يقع في أهم ساحات بغداد ، والتي لها مكانة خاصة في الذاكرة الشعبية ، اذ كانت مركز تجمع الجماهير وإنطلاق تظاهراتها عبر كل العهود وخاصة تلك التظاهرة التي إنطلقت في الأول من ايار ، عيد العمال العالمي — مارس ١٩٦٠—بمليون عامل ، إستمرت كراديسهم تتدفق منذ مطلع الشمس حتى مغيبها ….
لم تهمل الجدارية تلك الحركة الضاجة لقوى الشعب ،، فالحصان الجامح يخرج رأسه من الإفريز ، لتتوالى الأقواس والأهلة وقرص الشمس وشعلة الحرية التي تحملها المرأة المناضلة ،، ثم يرتب ( جواد ) عناصر النصب الأخرى . الفلاح والفلاحة يحملان سنابل القمح والمسحاة والمنجل ثم العامل بوقفته الراسخة بيده المطرقة وبجانبه عجلة الإنتاج ( رمز الصناعة )، ثم المرأة حاضنة طفلها رمز الأمومة ،، والمرأة حاملة شعلة التحريض قرب قضبان السجن ، إذ يستجيب الجندي الذي وضعه (جواد )في مركز الجدارية ليحطم القضبان ..دون ان يدخل النحات أي وجه يرمز للسلطة ورجالاتها .. فتخلص من عبودية تأليه الفرد …………..
لقد مازج (جواد ) بين المعاصرة والتراث ،،، دون أي تطرف أو غلو ،،وبذلك حقق حلمه الذي راوده طويلاً ،، عبر فن جميل ، كما صرح دائماً : الفن الجيد ، خدمة نبيلة ، الفن الجميل يخدم الإنسان .
………## تفاصيل المتن مستقاة من كتاب ( الجمال المأمول ) لمحمد الجزائري.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram