علي حسين
في أقلّ من سنتين ردّ الناخب الأميركي على عنصريّة ترامب وعدائه للغرباء، بأن أعطى صوته لامرأتين مسلمتين تنتميان إلى الحزب الديمقراطي لدخول الكونغرس، وهما إلهان عمر التي ولدت في الصومال ورشيدة طليب الفلسطينية الأصل، ماذا كانت هموم المواطن الأميركي وهو يدلي بصوته في انتخابات مجالسه النيابية؟ الرعاية الصحية هي التي تشغله، والسعي إلى تعايش داخلي سليم، ومعهما خطابات ترامب العدائية، بماذا نحن منشغلون بانتصارات الأجهزة الأمنية وهي تلقي القبض على الشاب محمد أبو علوش بتهمة التطرف، وهي تهمة رائجة هذه الايام، ما إن تختلف مع"الرموز الوطنية"حتى تتهم بالإلحاد أو التطرف، وعندما تسأل ماذا عن العبوات الناسفة التي انفجر ت في عدد من مناطق بغداد وراح ضحيتها أبرياء مع عشرات الجرحى، فتلك مسألة تحتاج إلى ناطق يبشرنا أن"الوضع تحت السيطرة".
سأصدّع رؤوسكم مرة أخرى في موضوعة تجارب الشعوب، وأضع المقارنات والمفارقات بين ما جرى في بلاد الرافدين التي كانت أول بلد عربي يضع سيدة على كرسي الوزارة، وأقصد نزيهة الدليمي ويرفع من شأن النساء، في ذلك الحين كانت نزيهة الدليمي تؤكد في كل اجتماعات مجلس الوزراء، أن المساواة لا تعني فقط التعليم والحصول على فرص العمل، لكنها تغيير النظرة القاصرة التي ينظرها المجتمع الى المرأة، باعتبارها ناقصة عقل ودين.
قبل أكثر من خمسة عشر يوماً قررت أثيوبيا أن تضع امرأة على كرسي رئاسة الجمهورية،إنها السيدة سهلي ورق زودي ابنة جنرال كبير في عهد هيلا سيلاسي، وقبل هذا اختارت أثيوبيا الدولة المسيحية أول رئيس وزراء من أصل مسلم لرئاسة الحكومة، وقرر رئيس الوزراء تعيين عائشة محمد وزيرة للدفاع، وهي من طائفة"العفر"الصغيرة المسلمة. وأكمل ثورته في هزّ قيم الحكم الإثيوبي بان اختار لقوات الشرطة والأمن وزيرة الشابة مفريات كامل، ثم قام بتعيين السيدة مآزا أشنافيفي في منصب رئيسة المحكمة العليا، وصرح رئيس الوزراء آبي أحمد بأن"المرأة ستساعد في محاربة الفساد، لأنها أكثر كفاءة وأقل فساداً من الرجل، وزيراتنا سيحطمنَ المقولة بأنّ النساء لا يصلحن للقيادة".
والآن هل انتهت الحكاية، تقول الرئيسة الإثيوبية :"أقول لكل امرأة في إثيوبيا إننا تساوينا ولم يعد هناك فرق بين الرجال والنساء بعد اليوم"، أما نحن فقد قررنا أن نسلّم الثقافة لوزير يقول إنّ الأدباء والمثقفين يريدون إقصاء الإسلاميين..يارجل هذه نكتة لاتليق بمن يريد الجلوس على كرسيّ الثقافة!