محمد حمدي
عاصرت جميع وزراء الشباب والرياضة بعد عام 2003 ، وخبرت عملهم حتى حفظته عن ظهر قلب وكأنه سيناريو يعيد تكرار نفسه بطريقة مملة ، يبتدئ العمل معها بتصريحات ظاهرها ايجابي مرن بسيط حريص على سمعة الرياضة العراقية وتطورها فيما يخص التماس بين الوزارة واللجنة الاولمبية وباطنها ممل ومعروف بأنه للاستهلاك المحلي لأيام قلائل، ولو تتبعنا سيرة عبطان وجعفر والغبان وآخرهم العبيدي سنجدها متطابقة تماماً فيما يخص نظرة الوزارة عن إذابة جبال الجليد المتراكمة وحاجزها المؤلم التي جعلت من الطرفين يتصيد أحدهما الآخر وتغلف وزارياً بأنها مع القوانين النافذة التي تحصن الجميع وتصحح المسار في العمل المشترك بعيداً عن الشخصنة والكلام الاولمبي الذي ينضوي تحت لائحة الأولمبية الدولية.
كلام جميل ولكن حقيقته تقول إنه فترة لالتقاط الأنفاس واستيعاب الدروس السابقة في التعامل ماتلبث أن تتوارى خلف مصالح وشخوص من يتقدم القافلة للعمل الرياضي ليبدأ بعدها الضرب في الخفاء أولاً والعلن ثانياً والتشهير ثالثاً كأنها سنة متبعة جُبِل عليها الأشخاص لاستهلاك ما بجعبتهم دون أن تكون هناك اجراءات واقعية تصحح الخطأ وتعيد المسير الحسن الى واقعه المطلوب ، فتتوقف العجلات عن الدوران تحت طائلة التهديد الشديد باستخدام عصا الاولمبية الدولية والاتحادات الرياضية الدولية التي لا تجامل ولا تناور إزاء التدخل الحكومي أو ما يقال إنه كذلك تجاه أية بادرة حقيقية للاصلاح ، يسكت حينها الوزير عن الكلام المباح ويغط في سبات عميق لاستغلال الظرف والأحداث في جانب آخر يتصور إنه تنافسي سيسحب البساط من تحت متزمتي الاولمبية واتحاداتها باقامة منشآت رياضية أو بطولات رياضية بمسميات المدارس ومراكز الموهبة بالتعاون مع هذا الاتحاد وذاك لخلق خلخلة في الترتيب كيما ينفذ الى الاتحادات البقية ناهيك عن الطرق الأخرى التي تبوح بها فذلكة وعبقرية مديره العام الذي يصوّر له إن الأمور تسحب بهذه الشاكلة فيدوخ الرجل سبع دوخات ويمشي الهوينا والأيام تنساب من تحت قدميه ليجد نفسه خارج الوزارة ويذهب بُنيانه في بحر الرمال.
إن مشكلة التداخل في العمل الوزاري والاولمبية مشكلة حقيقية لم تدرس بعناية ولم توصف قانوناً وإن قيل إن الوزارة جهة قطاعية حكومية راعية في العمل الرياضي لأن تطبيقاتها عرجاء هنا وهناك ولا تتطرق الى خلايا التماس بين الاثنين وأقصد الأندية الرياضية واجازاتها وهيئاتها وانتخاباتها وما لا يدرك نصفه لا يدرك كله بالإضافة الى ماصاحب وصف الاولمبية بعد 2003، والمصيبة الثانية هي ابتلاء الوسط الرياضي بعشرات من يدعون إنهم خبراء وفطاحل ومصنفين كمستشارين في رسم خارطة القوانين الرياضية حيث يفسر كل منهم الأمور على أهوائه ومصالحه بين الاثنين فيما يركن الآخر الى النسخ القديمة من التفسير التي أكل عليها الدهر وشرب ويصورونها الأعمق والأدق فيقتنع بها الوزير والمدير ورئيس الاتحاد من الطرف الآخر وغيرهم فيما تلعب لجنة الشباب والرياضة البرلمانية على الحبلين وتؤثر التأجيل أو الضبابية في الشرح وتحبو كالسلحفاة في العمل .
إن التاخير الذي تشهده رياضتنا وتدهورها هو نتيجة طبيعية لخلخلة هذه القوانين وتفسيرها وما نتج عنها من تعكر صفو الأجواء الرياضية بين المؤسسات التي أضحت بوابات للاستفادة والاستثمار الشخصي دونما تنمية المواهب والرقي برياضة الإنجاز ولعل الانتخابات التي تجرى حالياً هي ولادة طبيعية لكل ذلك العمل العبثي الذي تعايشنا معه مطولاً وليس بالإمكان أن نخدع اليوم بوعود من الوزارة والاولمبية على تنقية الأجواء وفض الاشتباك في السر والعلن ، ولا نستطيع أن نثق أيضاً بوعود الوزير الوردية لعلاقات جديدة وتعاون مشترك بين المؤسسات الرياضية ما لم يصاحبه خطوة صحيحة أولى تفسر لنا أي النقاط الخلافية قد حلت أصلاً بلا زعل ولاتدخلات تؤخر هنا وتؤجل العمل برمته هناك ، نعم مكاتبكم تحتفظ في سجلات نسيانها بمئات الدراسات والتجارب المدونة ولابد أن يكون فيها ماهو مفيد وعملي ولكن العبرة بمن يطبق ويقرأ وهذا لن نراه في القريب العاجل حتماً على خلفية انشغالاتكم بمجالات أخرى ستهدر وقتكم الثمين وسرعان ما نخسر السنوات الأربع دونما فعل يذكر وتذكروا قولي مع الوزير الجديد.