adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
داعش يتنفّس من جديد في مدننا ومناطقنا، بل يستعيد قدرته على أن ينفث رياح الموت في هذه المناطق الممتدة من شرق البلاد إلى غربها، مستهدفاً القوات المسلحة والأمنية والمدنيين على السواء.
هذا ما يتعيّن علينا أن ندركه جيداً لنكون على أهبة اليقظة والتحفّز لمواجهته قبل أن يكون وقت هذا كله قد فات.
لا يمكن أن تكون الغاية من هذا النشاط الإرهابي المتنامي غير السعي لتهيئة الأجواء والظروف لحملة إرهابية واسعة النطاق شبيهة بتلك التي سبقت الهجوم الكاسح على الموصل وما تلاها من مدن ومناطق وصولاً إلى مشارف بغداد في حزيران 2014.
مؤكد أنّ داعش اختار توقيتاً مناسباً له لاستئناف نشاطه الإرهابي بهذه الكثافة، فالدولة العراقية بقضّها وقضيضها والطبقة السياسية المتنفّذة والعملية السياسية برمّتها، عالقة عند جدار الأزمة السياسية التي لم تنجح انتخابات أيار الماضي في تنفيسها ولو جزئياً، بل إننا الآن في حال أكثر سوءاً ممّا كنّا عليه قبل الانتخابات، وقبل الحركة الاحتجاجية الأقوى التي وعد الجميع بتلبية مطالبها الرئيسة عبر تشكيل حكومة لا تشبه أيّاً من الحكومات السابقة الفاشلة، والحال إننا نراوح في مكاننا عند صالة العمليات انتظاراً لانتهاء الولادة القيصرية لكائن حكومي من الواضح أنه مشوّه شكلاً ومضموناً.
أحد أعضاء مجلس النواب لفت أول من أمس إلى أنّ "انشغال بعض القطعات العسكرية الماسكة للأرض بالقضايا المادية وبيع الأراضي والإتاوات والرشى وتهريب السكراب والمخدرات والبضائع وتهريب النفط هوالمجاميع الإرهابية إلى مدينة الموصل و ما سهّل عودة بعض أطرافها"، موضّحاً أن "تلك المجاميع بدأت تهدّد الناس وتمارس الابتزاز والتهديد وقتل المواطنين الموالين للدولة وغير المتعاونين معهم"!
هذا السيناريو مُعاد ومُكرّر، زمنياً وجغرافياً، فعلى وفقه تمهّدت الأرض للاجتياح الداعشي الكبير في 2014 وللكابوس المروّع الذي واجهه العراقيون جميعاً والكارثة الأسطورية التي حلّت بملايين منهم ممّن تأثروا حتى اليوم بعواقبها الوخيمة.
الفساد الإداري والمالي المستشري، ونظام المحاصصة، والممارسة السياسية المتردي، هي جميعاً ممّا يسّر لداعش دخول الموصل وسائر المدن والمناطق بسهولة شرب الماء وسرعته ، وهذا كلّه ممّا يحتفظ بكامل فعّاليته وحيويته الى اليوم برعاية قمة السلطة وسفوحها العليا، وبتيسير من غيبة النظام والقانون، وكذا القيم والمبادئ الوطنية، لدى الطبقة السياسية المتفّذة.
داعش يتنفّس مرة أخرى على أرضنا.. هو يُداهم تدريجياً .. وهو يُعدّ عدّته ليكتسح من جديد ..
هل تصحو الطبقة الحاكمة من غفوتها ومن غفلتها قبل فوات الأوان، لكي لا يحصل مرة أخرى ما حصل في حزيران 2014؟