ترجمة/ حامد أحمد
عند أزقة سوق البصرة المركزي المزدحم يستذكر بائع الخضراوات ، أبو مصطفى ، بحسرة كيف إنه كان بامكانه خلال فترة السبعينيات والثمانينيات ملء دكانه بالمنتجات والمحاصيل الزراعية المحلية . أما اليوم فان ما يقارب من 80% من المحاصيل الزراعية المعروضة في محله قد تم استيرادها من إيران .
وقال زميله ، أبو نبراس ، ساخراً " طماطم عراقية ؟ إنها بالأحلام فقط ."
أغلب العوائل العراقية التي تم إجر اء لقاء معها في سوق البصرة ذكرت لموقع ، نيو أراب ، الإخباري إنهم يعتقدون بان محاصيل الخضراوات التي تزرع محلياً تكون أجود نوعية من المستوردة . ويقول أحد المتسوقين إنه يبحث في السوق عن منتجات زراعية عراقية وانه مستعد لشرائها رغم أن سعرها أعلى من سعر المستورد ولكن مذاقها ونوعيتها يكون أفضل .
وفي يوم اجراء الاستطلاع في سوق البصرة المركزي كان سعر كيلو غرام الواحد من الطماطم الايرانية ما يعادل 40 سنتاً في حين كانت الطماطم العراقية تباع بسعر 1.20 دولار للكيلو ، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف سعر البضاعة المستوردة ، رغم ذلك فان الأسعار تتباين بين يوم وآخر اعتماداً على كمية البضاعة المستوردة التي يجهزها المزارعون الايرانيون للتجار العراقيين .
يقول ، محمود ، وهو أحد المتسوقين " أشعر بالاحباط كلما آتي الى السوق لأرى البضائع المستوردة تحل محل المنتج المحلي ." مشيراً الى ضرورة رفد السوق بمنتجات محلية .
من جانب آخر يدعي المستوردون بان السلع الرخيصة المستوردة تجذب المتسوقين لشرائها أكثر من المنتجات العراقية الأغلى ثمناً ، حيث إنه ليس لهم خيار آخر خصوصاً ذوي الدخل المحدود من غالبية أفراد المجتمع العراقي .
حيدر على 34 عاماً صاحب عائلة يقول " ليس لدي خيار آخر ، أنا آتي كل أسبوع هنا للتسوق وأغلب البضائع مستوردة وإنها أرخص ثمناً من المنتج المحلي ."
استناداً الى عميد كلية الادارة والاقتصاد في جامعة البصرة ، نعيم صباح ، فان استيراد المنتجات الغذائية على نطاق واسع من دول الجوار وخصوصاً ايران قد ساهم في انهيار الاقتصاد في المدينة . مشيراً بقوله " المزارعون العراقيون لايمكنهم منافسة البضائع الاجنبية التي تدخل العراق كل يوم . لقد اصبحت البصرة مدينة مستهلِكة . أكثر من 90% من السلع الغذائية والزراعية الموجودة في البصرة هي مستوردة وأكثرها ياتي من إيران ."
وفقا لشبكة تحليلات الأمن الغذائية الاقليمي RFSAN فان الانتاج الزراعي في العراق انخفض مرة أخرى بنسبة 40% عقب اجتياح تنظيم داعش لمساحات واسعة من العراق عام 2014 جاعلاً من وضع القطاع الزراعي للبلد أكثر سوءاً .
من جانب آخر تتوقع منظمة الفاو FAO الدولية للاغذية والزراعة أن يبقى العراق معتمداً على الاستيراد لسنوات عديدة قادمة لأجل سد حاجته المحلية من المواد الغذائية .
في عام 2012 حاول رجل أعمال محلي انشاء معمل منتجات ألبان في البصرة ، ولكن تجار مواد عذائية وسياسيين محليين عرقلوا مشروعه خوفاً من تأثيره على تجارتهم عبر الحدود مع إيران .
وكشف ، صباح ، عميد كلية الادارة والاقتصاد في البصرة بقوله " عدة سياسيين عراقيين وجهوا اهتماماتهم ومصالحهم مع دول الجوار بحيث أثر ذلك سلباً على الاقتصاد المحلي ."
علاء بدران ، مستشار زراعي في البصرة ، يعتقد بان المزارعين العراقيين لايستطيعون تلبية الاحتياجات المحلية وملء رفوف محلات البصرة .
من جانب آخر ذكرت وكالة التنمية الدولية الاميركية USAID بان القطاع الزراعي العراقي قد تدهور بشكل حاد خلال العقود الأخيرة القليلة الماضية وذلك بسبب ضعف الاستثمار والانعزال عن الاقتصاد العالمي والسياسات الزراعية السلبية للبلد .
وبعد ان كان بلداً غنياً بالموارد المائية أصبح العراق الآن يواجه أسوأ أزمة مياه مرًت عليه منذ العام 1931 . حيث تقلصت مناسيب المياه بنسبة 40% في النهرين الرئيسيين دجلة والفرات بسبب انشاء سدود عند منابع الأنهر في تركيا وسوريا وإيران فضلاً عن مرور البلد بموجة جفاف في نقص هطول الامطار وزيادة ملوحة التربة .
وجاء في تقرير لبرنامج البيئة التابع للامم المتحدة بان العراق يفقد 250 كيلومتراً مربعاً من أراضيه الزراعية سنويا بسبب شح المياه وزيادة ملوحة التربة.
عن: موقع نيو أراب : بقلم سيبستيان كاستيلر