adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
ما كان ينقص رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، وهو يتحدث منذ أيام في المؤتمر الصحافي المشترك مع محافظ كربلاء، سوى أن يمدّ يده اليمنى إلى جنبه الأيسر ليسحب مسدسه من قرابه ويوجهه نحو كاميرات الإعلام في رسالة مباشرة داعمة لكلامه الذي حمل فيه على الذين تعجّبوا من، أو احتجّوا على، قراره برفع مخصصات السكن لأعضاء المجلس إلى ثلاثة ملايين دينار شهرياً.
السيد الحلبوسي كان عليه أن "يُحاسَب" كثيراً في كلامه، فهو رئيس السلطة الأعلى في البلاد، السلطة التشريعية التي تسنّ القوانين وتراقب عمل أجهزة الدولة جميعاً حتى لا تقع في الخلل والخطأ والزلل، وتقدّم لها القدوة والمثال.
من دون تروٍّ حكم الحلبوسي بأنّ "الطعن بأحقية النائب بهذا الأمر استهداف مرفوض للسلطة التشريعية، ولن تقبل به رئاسة البرلمان العراقي"! فهو هنا يجعل من السلطة التشريعية المنتخبة في الأساس من الشعب لخدمته وتحقيق مصالحه، في مرتبة المقدّسات غير القابلة أفعالها وأقوالها للنقد.. هو بهذا يريد أن يصادر الحق الدستوري المكفول لكل فرد ومؤسسة بالتعبير عن الرأي بحرية. ماذا يترك رئيس البرلمان إذن لموظفي الجهاز البيروقراطي وللأجهزة المكلّفة بالقمع ومصادرة الحريات ما دام هو على هذه الدرجة العالية من الحساسية تجاه النقد الموجّه الى أحد قراراته؟!
السيد الحلبوسي: لك الحقّ في التعبير عن رأيك بعدم القبول بنقدنا لك ولمؤسستك وقراراتك، لكن ليس معك أي حق في أن تصادر حقنا في نقدك ومؤسستك وقراراتك.. نحن أيضاً لدينا رأي كفل الدستور حرية التعبير عنه.
السيد الحلبوسي: قرارك خاطئ جملة وتفصيلاً، فإذا تسعى، حضرتك، لتأمين سكن لائق للنواب لا ينبغي لك أن تنسى أن أبناء هذا البلد النفطي جديرون جميعاً بأن تكون لهم مساكن لائقة وحياة كريمة. هل تعلم ان ثمة الملايين من العراقيين يعيشون في الاكواخ والصرائف وبيوت التنك والبلاستيك الحقيرة؟ هل تعلم أن ملايين العراقيين من العمال والموظفين في القطاعين العام والخاص لا يحصل الواحد منهم شهرياً حتى على 10 بالمئة من قيمة بدل الإيجار الذي قررتَ منحه للنواب؟ بل هل تعرف أن ثمة مئات الآلاف من الشباب المتخرج من الجامعات لا يجدون وظيفة أو عملاً يعيشون به؟ وهل تعلم ان الكثير من العراقيين يشربون الماء المالح المسموم والماء الملوّث بيئياً؟
لسنا ضد تأمين سكن ملائم للنواب، لكننا ضد أن يكون هذا على حساب الناس الذين انتخبوا هؤلاء النواب وكلّفوهم بمهمة تأمين مصالحهم.
مكتبك، يا رئيس البرلمان، مضى في أثرك لعمل خلطة عجيبة باتهامه منتقدي قرارك بأنهم من " سرّاق وناهبي الثروة العراقية"!.. أين هي الثروة العراقية هذه لنسرقها؟!.. الثروة العراقية قد سُرقت على مدى الخمس عشرة سنة الماضية، وبعض السرّاق من معارفك وأحبابك داخل البرلمان وخارجه، فعليك بهم إن كنتَ ومكتبك جادّين في مكافحة الفساد.
في المنطقة الخضراء، كما تعلم يا رئيس السلطة التشريعية، المئات من البيوت الملائمة للغاية لسكن النواب وسواهم لكنّها محتلّة ممّن لا يستحقونها من مسؤولين في الدولة وأقارب ومحازبين لهم.. لماذا لا تتحرك لاستعادة هذه الأملاك من محتلّيها وتوزيعها على النواب؟.. عليك بهم أيضا لتثبت ومكتبك جديّتكما في محاربة الفساد والفاسدين.