علي حسين
عاش علي الوردي ومات، وهو ينتمي الى فكر وثقافة مضادة لاثنين، وعاظ السلاطين وشيوخ الطائفية..كلاهما كان وراء مصادرة ومحاربة مؤلفاته، وعاظ السلاطين، الكتاب الذي جلب العداوة للراحل، وجعل منه هدفاً للمتطرفين من كلا الطائفتين السُنّة والشيعة.
في وعاظ السلاطين حكايتنا جميعا مع مندوبي الطائفية الذين يعتقدون أن الحــلَّ في أزمات البلد هو تحويل الشعب إلى قبائل، كل منها تبحث عن مظلوميتها.. المهم أن يجد الشيعي خلاصه في مطاردة السُنّي، وأن يرى السُنّي سعادته في تحقير الشيعي وشتمه والانتقاص منه.
علي الوردي كتب”وعاظ السلاطين”بعد كتابة”مهزلة العقل البشري”الذي أثار عليه وعاظ الخرافة.، وهو اول كتاب ينشد فيه الوردي التغيير الذى لايتحقق الا من خلال نقد مفاهيم اجتماعية تعشّش في الرؤوس منذ قرون، يكتب في وعاظ السلاطين :”وما دام السلطان الظالم محاطاً بالفقهاء والوعاظ, وهم يؤيدونه فيما يفعل ويدعون له بطول البقاء, فمتى يستطيع أن يحس بأن هناك أمة ساخطة”.
هذا ما يجعل الوردي، وهو ينحاز الى المواطن البسيط المبتلى بفرسان الطائفية ووعاظها، يضيف إلى قدراته كعالم اجتماع ميزة أخرى هى الجمع بين المثقف ورجل التنوير. وبين التعرف على خزعبلات التاريخ الذي يصر الآن معظم الساسة على ان نبقى نعيش فيه ولا نغادر حوادثه، وبين المستقبل الذي لا يمكن الدخول اليه بلباس طائفي وعقول تعيش في القرن الاول الهجري.. ولهذا سيظل كتاب وعاظ السلاطين أقرب نبوءات علي الوردي للعراقيين.
اليوم وعاظ السلاطين يصرون ان نعيش في ظل أزمات طائفية لا تنتهي، فوزارة الدفاع للسنة مثلما يخبرنا محمد الكربولي مبتسماً، والداخلية للشيعة وحصرا بيد كتلة البناء التي لاترى بديلا عن الفياض، اما الخروقات الامنية والتفجيرات في تكريت والموصل والقتل العشوائي في البصرة فمسألة فيها نظر، اوتنظير من عينة تنظيرات محمد الكربولي الذي اكتشف ان العراق غاطس اجتماعيا، وان الشباب العراقي لاتعرف الدولة ولا البرلمان افكارهم، ومفروض ان يستمعوا لموعظة من الكربولي واشقاءه ليتعلموا كيف تصبح مليارديرا من خلال اللعب على جميع الحبال.
يتحدّث محمد الكربولي وكانه صاحب أعمق رؤية وأكثر دراية بما نريده من المستقبل، وما يريده المستقبل منا، يطلق الاحكام، ويضحك عليها، يكلمك عن النهوض بالعراق، بينما هو يصر على ان هذه الوزارة من حصتهم حصرا.لايريد الكربولي ومعه مئات من يعملون في السياسة من باب الحصول على المنافع، ان يستوعب ان الشعوب لا تذهب إلى المستقبل ومستنقعات الفساد السياسية تحيط بها من كل جانب وتظهر الى العلن في الفضائيات.