TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الكربولي واعظاً

العمود الثامن: الكربولي واعظاً

نشر في: 18 نوفمبر, 2018: 08:26 م

 علي حسين

عاش علي الوردي ومات، وهو ينتمي الى فكر وثقافة مضادة لاثنين، وعاظ السلاطين وشيوخ الطائفية..كلاهما كان وراء مصادرة ومحاربة مؤلفاته، وعاظ السلاطين، الكتاب الذي جلب العداوة للراحل، وجعل منه هدفاً للمتطرفين من كلا الطائفتين السُنّة والشيعة.
في وعاظ السلاطين حكايتنا جميعا مع مندوبي الطائفية الذين يعتقدون أن الحــلَّ في أزمات البلد هو تحويل الشعب إلى قبائل، كل منها تبحث عن مظلوميتها.. المهم أن يجد الشيعي خلاصه في مطاردة السُنّي، وأن يرى السُنّي سعادته في تحقير الشيعي وشتمه والانتقاص منه.
علي الوردي كتب”وعاظ السلاطين”بعد كتابة”مهزلة العقل البشري”الذي أثار عليه وعاظ الخرافة.، وهو اول كتاب ينشد فيه الوردي التغيير الذى لايتحقق الا من خلال نقد مفاهيم اجتماعية تعشّش في الرؤوس منذ قرون، يكتب في وعاظ السلاطين :”وما دام السلطان الظالم محاطاً بالفقهاء والوعاظ, وهم يؤيدونه فيما يفعل ويدعون له بطول البقاء, فمتى يستطيع أن يحس بأن هناك أمة ساخطة”.
هذا ما يجعل الوردي، وهو ينحاز الى المواطن البسيط المبتلى بفرسان الطائفية ووعاظها، يضيف إلى قدراته كعالم اجتماع ميزة أخرى هى الجمع بين المثقف ورجل التنوير. وبين التعرف على خزعبلات التاريخ الذي يصر الآن معظم الساسة على ان نبقى نعيش فيه ولا نغادر حوادثه، وبين المستقبل الذي لا يمكن الدخول اليه بلباس طائفي وعقول تعيش في القرن الاول الهجري.. ولهذا سيظل كتاب وعاظ السلاطين أقرب نبوءات علي الوردي للعراقيين.
اليوم وعاظ السلاطين يصرون ان نعيش في ظل أزمات طائفية لا تنتهي، فوزارة الدفاع للسنة مثلما يخبرنا محمد الكربولي مبتسماً، والداخلية للشيعة وحصرا بيد كتلة البناء التي لاترى بديلا عن الفياض، اما الخروقات الامنية والتفجيرات في تكريت والموصل والقتل العشوائي في البصرة فمسألة فيها نظر، اوتنظير من عينة تنظيرات محمد الكربولي الذي اكتشف ان العراق غاطس اجتماعيا، وان الشباب العراقي لاتعرف الدولة ولا البرلمان افكارهم، ومفروض ان يستمعوا لموعظة من الكربولي واشقاءه ليتعلموا كيف تصبح مليارديرا من خلال اللعب على جميع الحبال.
يتحدّث محمد الكربولي وكانه صاحب أعمق رؤية وأكثر دراية بما نريده من المستقبل، وما يريده المستقبل منا، يطلق الاحكام، ويضحك عليها، يكلمك عن النهوض بالعراق، بينما هو يصر على ان هذه الوزارة من حصتهم حصرا.لايريد الكربولي ومعه مئات من يعملون في السياسة من باب الحصول على المنافع، ان يستوعب ان الشعوب لا تذهب إلى المستقبل ومستنقعات الفساد السياسية تحيط بها من كل جانب وتظهر الى العلن في الفضائيات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram