علي رياح
لم يساورني شك يوماً ما ، في وصول الكتاب الرياضي العراقي إلى قارئه الذي لم ينقطع عنه شغف الانتظار والإقبال والقبول!
هذه فكرة تترسّخ عندي منذ محاولتي التأليف للمرة الأولى قبل 32 سنة أي في مرحلة مبكرة للغاية من حياتي ، وصدور كتابي (دورات الخليج العربي بكرة القدم) .. وذلك لسبب واضح ومفهوم ، على الأقل بالنسبة لي ، وهو إنني دائم السعي إلى اقتناء أي إصدار رياضي أقرأ عنه أو أسمع به داخل العراق وخارجه، وهذه صفة أجدها أقرب إلى العدوى اللذيذة التي جاءتني من المناخ الذي أسكنه ويسكنني وهو المجتمع العراقي القارئ بطبعه.
أما حين يتعلـّق الأمر بالكتاب الرياضي، فهو المحظوظ دوماً في إطار هذا التوصيف، لأن فينا حاجة ورغبة وعطشاً إلى القراءة في الرياضة، وهذه قناعة ثابتة عندي لأنها وصلت من خلال تجربتي في القراءة والتأليف، حَـدّ اليقين!
لهذا كنت في غاية السعادة لأن يجد الجزء الأول من كتاب (أيام الكرة العراقية) والذي صدر عام 2016، كل هذا الترحاب من أهل الاختصاص ومن القراء الرياضيين عامة .. وما زال لساني يلهج بالامتنان لكل الزملاء والأصدقاء الذين احتفوا بي وبالكتاب داخل مقر اتحاد الكرة العراقي ذات صباح شتائي دافئ ، ومثل هذا الشعور لابد أن يدفعني ، ويدفع كل زملائي المعنيين في هذا الشأن إلى شحن الذاكرة وإلى العودة لخزين الذكريات ، وإلى سجل الحوادث كي ينتشلوا المكتبة الرياضية من الشُـح الذي كانت وما زالت تعانيه، وصولاً في نهاية الأمر إلى توثيق جانب من تاريخنا الرياضي ، كلٌ على طريقته أو أسلوبه أو منهجه!
وهي فرصة للتذكير مجدداً ، وعلى نحو غاية في الأهمية، بأنني لا أدّعي أبدا توثيق أية حقبة في تاريخ الكرة العراقية على النحو المُعتاد أو المألوف، ولا أزعم أنني أملك هذه القدرة المطلقة التي ربما تحتاج إلى جهود مؤسسية أو جماعية جبّارة، فضلاً عن عمق زمني أطول من عمري الشخصي والمهني!
لكني ، وبكل صدق، أقول إنني أكتب عن أحداث وحوادث كروية عشتها بنفسي من الألف إلى الياء.. وكتبت عنها في حينه أو أعود إليها بوسائلي وأدواتي كي أكتب عنها الآن.. وسيلتي في هذا طريقتي في الكتابة بعيداً عن لغة الأرقام والإحصاءات التي يملك غيري قدرة الكتابة فيها.
هل هو كتاب فيه الانطباعات؟ نعم..هل هو مؤلـَّـف ينطوي على كثير أو قليل من الذاتية ؟ بالضبط هذا ما لا أدفعه عن نفسي .. ففي كل محور أو موضوع أكتب ما رأيته بأم العين محاولاً الوصف بحروفي وكلماتي .. لا أنقل عن مصدر محدّد ، أو مرجع يحمل تفصيلات عن ذلك المحور أو الموضوع!
وأعيد إلى الأذهان والأبصار ما قلته في مقدمة الجزء الأول من (أيام الكرة العراقية) ، مع شيء من التعديل الذي اقتضته أحداث السنتين الأخيرتين (2017 و2018) - وهو إن الكتاب هو نتاج (44) رحلة أو مهمة مع الفرق العراقية على مدى (33) سنة عشت فيها أحداثاً في (22) دولة خلال (341) يوماً هي صافي ما استغرقته تلك الرحلات مع المنتخب الوطني والعسكري والأولمبي والشباب والناشئين والأندية!
للكرة العراقية أيام سبقني كثير من زملائي إلى الكتابة فيها وعنها.. وما الجزء الثاني من كتابي إلا تحية لهؤلاء، ولكم، ولكل من وضع لبنة وإسهامة في صياغة تاريخنا الكروي الثري ..
** من مقدمة كتابي الجديد (أيام الكرة العراقية) ، بجزئه الثاني والذي صدر هذا الأسبوع.