TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: كيما تكون الطريق سالكة أمام مكافحة الفساد

شناشيل: كيما تكون الطريق سالكة أمام مكافحة الفساد

نشر في: 28 نوفمبر, 2018: 07:29 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

عراقيون كثيرون، نساءً ورجالاً.. من طبقات وفئات اجتماعية مختلفة، ومن مستويات وعي مختلفة، ومن ذوي مهن مختلفة، ومن مناطق عيش مختلفة داخل البلاد وخارجها، أظهروا ردّة فعل سريعة وقويّة حيال اعتداء محافظ نينوى على أحد المعلمين وتصوير الاعتداء وبثّه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ردة الفعل هذه في محلها تماماً، فما مِن قانون أو منطق يمنح أحداً الحقّ في أن يأخذ القانون بيديه ويعاقب شخصاً آخر عن تهمة منسوبة إليه، فيما هو غير مخوّل لا بالنظر في التهمة ولا بالمعاقبة عنها.
حتى لو كان المعلم الذي أهانه محافظ نينوى علناً قد تجاوز على مهمته التربوية وخرج عن وظيفته التعليمية، فإن الإجراء الصحيح والسليم يكون بإحالة أمره الى مديرية التربية في محافظته لمساءلته ومعاقبته. أما المحافظ فلديه واجبات أخرى كثيرة عليه أداءها على النحو المطلوب.
المفارقة الكبيرة أن قيام شخص واحد، هو محافظ نينوى، بإهانة شخص واحد، هو المعلم، قد ترك كل هذا الصدى السريع والقوي، فيما لا نجد صدى مماثلاً لأفعال شنيعة يقوم بها في الآن نفسه أشخاص كثيرون وجماعات عديدة ضد أشخاص وجماعات بأعداد أكبر، بل إن بعض هذه الأفعال يكون ضحاياها، في غالب الأحيان، مجمل أفراد الشعب.
خذوا الفساد الإداري والمالي مثالاً.
تكاد ردّات الفعل القوية ضد جرائم الفساد ومرتكبيها أن تقتصر، أو هي بالفعل مقتصرة، على البعض من السياسيين النزيهين ومن الإعلاميين وسواهم من المثقفين، والبعض من نشطاء المجتمع المدني، فيما الغالبية العظمى من الناس، وهم الضحايا المباشرون لهذه الجرائم، يبدون كما لو أن المال العام المسروق لا يخصّهم وغير مغتصب منهم ظلماً وعدوانا!
واحد من أكبر معرقلات مكافحة الفساد الإداري والمالي تتمثّل في أن الذين يكونون شهوداً عياناً على هذه الجرائم يغضّون النظر ويلتزمون الصمت، وهذا ممّا يغري الفاسدين والمُفسدين في مواصلة فساهم ومفاقمته.
الفاسد صار يُنظر إليه على أنه "سبع" أو "شاطر".. يُستقبل في الدواوين العامة والخاصة بكل مظاهر الترحاب والتبجيل، كما لو انه اجترح مأثرة أو حقّق مُنجزاً فيه فائدة للناس، فيما كان في الماضي من أسباب النظرة الدونية لسلك الشرطة، بالمقارنة مع سلك الجيش، أن بعض رجال الشرطة كانوا يأخذون "البرطيل" (الرشوة) من مراجعي مراكز الشرطة واصحاب القضايا فيها.
انتفض البصريون انتفاضة عظيمة في الصيف الأخير في وجه الفساد الذي جعلهم عطشى حتى الى الماء، فكان أن أجبروا الحكومة المحلية والحكومة الاتحادية على الاهتمام بأوضاعهم السيئة.
كل العراقيين في حاجة عظمى لأن ينتفضوا بقوة وبسرعة في وجوه الفاسدين والمفسدين، لا أن يؤدوا لهم التحية، كيما تصبح الطريق سالكة أمام مكافحة الفساد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram