علي حسين
دائماً ما يُطرح عليّ سؤالاً : لماذا لاتتوقف عن متابعة مضحكات السياسة العراقية، ألا تشعر بالضجر.. سؤال وجيه حتماً، فأنا ياسيادة ياكرام تعودت، أن أبحث عن الغريب والعجيب في عالم الديمقراطية العراقية، ورغم أن البعض يرى"بطراً"في مثل هذه الأحاديث، لكنني أحاول أن أنقل لكم آخر أخبار مشعان الجبوري الذي افتقدت صولاته الإصلاحية منذ شهور، فاكتشفتُ متأخراً أنه تحول إلى مواطن سوري يجلس في قصره الكبير في دمشق يتأمل الأحوال ويكتب :"حديث الرئيس الأسد خلال ترؤسه اجتماع الحكومة بعد أداء وزرائها الجدد اليمين الدستورية أمامه اليوم.. الذي تطرق فيه لأولويات العمل في المرحلة المقبلة ومحورها الأساس.. هو مكافحة الفساد"، لا تبتئسوا هناك تغريدة أنفع وأبقى صاحبتها السيدة حنان الفتلاوي التي اكتشفت أن حكومة عادل عبد المهدي قد"التفّت عليها أفعى"ولابد من عودة ميمونة لزعيمة إرادة، التي هي وحدها القادرة على حلّ المشاكل!
ماذا بقي لدينا بعد؟ رئاسة الجمهورية مهمومة بإعادة مناصب نواب الرئيس إلى الخدمة، فلا يجوز لهذا المنصب أن يبقى شاغراً مثلما لايجوز أن يحال العبادي أو المالكي أو النجيفي أو علاوي إلى التقاعد، فمن هو المواطن الذي سيصدِّق خبراً يقول إنّ السيد فالح الفياض أُحيل إلى التقاعد، وهو الذي يُعدُّ اليوم أشبه بشمس ساطعة تطلّ علينا كلّ صباح، لتذكّرنا بما وصلنا إليه من ازدهار ورفاهية وأمان.
هل هناك مسؤول عراقي يعترف بأنّ اللغة العربية تضمّ مفردة اسمها"تقاعد"وإذا تمكن يوماً من معرفتها، فهل يفكّر في استخدامها؟ أعتذرفقد استخدمها النواب واعضاء مجلس الحكم، فكانت النتيجة رواتب مليونية في بلد تجاوزت نسبة الفقر فيه الـ 30 بالمئة!
عندما خرج الطلاب في تظاهرات فرنسا عام 1968 ضد الجنرال ديغول وهو الرجل الذي أنقذ فرنسا من سطوة هتلر، ووضعها في مصاف الدول العظمى، لم يجد غير جملة واحدة قالها لمساعديه"سأرحل"، أما في هذه البلاد التي يتوقع شعبها أنّ الكبار في الكتل السياسية سيدركون أنّ الشعب لايريد عالية نصيف ورفيقها محمد الكربولي، ولايعشق طلّة خلف عبد الصمد ولديه حسّاسية من كاظم الصيادي وأسامة النجيفي، لكن يبدو أنّ هذه البلاد العجيبة، لا تستطيع العيش من دون رموز سياسية، وأضيف لها والحمد لله رمز جديد من عيّنة حمد الموسوي. ويصر قادتها على أن لابديل عن فالح الفياض إلا فالح الفياض حتى وإن ذهبت البلاد الى المجهول.