TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: في أمر وزارة الخارجيّة

شناشيل: في أمر وزارة الخارجيّة

نشر في: 3 ديسمبر, 2018: 08:35 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

وزير الخارجية الجديد، د. محمد علي الحكيم، لديه في ما يبدو رؤية واضحة ومهمة محدّدة لجهة تطوير عمل الوزارة والانتقال بها إلى مرحلة تتناسب مع ما يطمح إليه العراقيون في أن يكون لهم ولبلادهم موقع يحظى بالاحترام والتقدير بين الأمم الأخرى.
هذا ما عبّر عنه الوزير في لقاء معه أمس في مكتبه تحدّث فيه عمّا يفكّر به ويخطّط له على مدى السنوات الأربع المقبلة.
المشكلة الكبرى في هذا البلد أنّ النوايا الطيبة لا تثمر شيئاً في الغالب، فالإرادات التي تقف وراءها نوايا سيئة قوية جداً بفضل التحالف المكين بين أصحاب هذه الإرادات. نحن في بلد كلّ شيء فيه تقريباً مخرّب على نحو أسطوري (فتّشوا عن الفساد الإداري والمالي والسياسي)، وكما اليد الواحدة لا تصفّق ليس في وسع وزير واحد أو اثنين أو خمسة، وهذا الأخير هو عدد الوزراء المعوّل على كفاءتهم وخبرتهم أكثر من غيرهم في الحكومة الحالية، أن يعملوا اختراقاً أو أن يُنشئوا واحة غنّاء وسط صحراء قاحلة، لكنّهم مع ذلك يُمكنهم، إذا ما تحلّوا بالعزم والحزم وبالغيرة الوطنية، أن يقدّموا أنموذجاً يكون قدوة حسنة ومثالاً يحتذى.
وزارة الخارجية تحتلّ موقعاً متقدماً بين الوزارات، وهي بالإضافة إلى هذا وزارة فنية مثلها مثل وزارات النفط والاتصالات والزراعة والصناعة والتخطيط والدفاع والداخلية، ولا ينبغي التعامل معها بوصفها وجهة سياحية وبوصف الوظائف والمناصب فيها شرفية بالمستطاع "إهداؤها" إلى المحازبين والأقارب الذين تعوزهم الكفاءة والخبرة والأهليّة، كما هو حاصل بالفعل في كثير من الحالات منذ 2006 .
يُمكن تشبيه وزارة الخارجية بكاسحة الألغام التي تمهّد الطرق لتقدّم القوات، بل إنّ دور الخارجية يتجاوز هذا بكثير، فهي التي تفتح الأبواب أمام الدولة إلى العالم تحقيقاً للمصالح الوطنية التي لا يُمكن تأمينها إلا بإقامة أفضل العلاقات مع الدول الأخرى. ولدينا تجارب كثيرة تدعم هذا الرأي، فلو لم تكن لدينا علاقات طيبة ووثيقة مع دول الجوار والدول الكبرى ما كنّا سندحر داعش الإرهابي ونُسقط له "دولته" ونكفّ أذاه عنّا، نسبياً في الأقل، فخطر داعش لم يزل قائماً.
واحدة من أكبر مشاكل خارجيتنا أن السلك الدبلوماسي عُبِّئ بعدد غير قليل ممّن لم تتوافر فيهم الشروط اللازمة لشغل الوظائف الدبلوماسية، بل ثمة الكثير من هؤلاء لا يفقهون طبيعة العمل الدبلوماسي وشروطه ومتطلباته، ولا يُتقنون لغات الدول التي يُعيّنون فيها ولا حتى اللغة الإنكليزية، فالعوامل الحزبية والقرابية هي التي اعتُمدت في تعيينهم بضغط من القوى المتنفذة في الدولة وقياداتها.
أظنّ أنّ الوزير الحكيم يُمسك بين يديه بورقة قوية، هي أن اختياره الى المنصب لم يكن من جانب حزب أو جماعة سياسية، بل هو كان خيار رئيس الوزراء، وهذا ممّا يعطيه مرونة فائقة في إجراء تغييرات وتعديلات في نظام التعيينات وفي وضع رؤية ومهمة للوزارة تتناسبان مع ما يتعيّن أن تكون عليه الوزارة في المرحلة المقبلة، من دون خشية من ترهيب أو ابتزاز من جانب طرف سياسي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram