إياد الصالحي
لا شغل شاغِل للوسط الكروي اليوم بعد أعلان المدرب السلوفيني ستريشكو كاتانيتش عن قائمة المنتخب الوطني تأهباً للدخول في المعسكر التدريبي بالعاصمة القطرية الدوحة، غير مسألتين، الأولى التشكيك بخياراته وأن أحداً قد أملى عليه الكتابة بخطّ يده، والثانية إهمال أسماء أخرى أكثر خبرة واستعداداً للدفاع عن مهمة الوطني من بعض العناصر التي تحظى بـ"وساطة" قوية برغم ضعف قدرتها مثلما كشف الدوري مستواها الحقيقي.
هاتان المسألتان لا نتبناهما، بل هما الأكثر تداولاً على ألسنة بعض المدربين والإعلام والجمهور مثلما أطلعنا عليها وعلى نوعية أخرى من تبريرات التحفّظ على الاسماء 28 المؤمّل أن يضع كاتانيتش لمساته الفنية الأخيرة قُبيل اعتماد النسخة الرسمية من قبل اللجنة المنظمة لكأس آسيا يوم 4 كانون الثاني 2019 لتدشّن المهمة أمام فيتنام في الثامن من الشهر نفسه، وهذه ظاهرة مقيتة تعكس المزاج المضطرب لمن يدّعي الحرص على سمعة كرتنا، فهو من جانب يُبارك تولي المدرب الأجنبي الإدارة الفنية منعاً لمحاباة المدرب الوطني أو ظُلمه لعدد من اللاعبين، ومن جانب آخر يعده غشيماً مُعصّبَ العينين تمسكُ بيده أيدي المصالح لتحقق مرادها بحضوره دون علمه!
ماذا تضم قائمة الأسود 28، أليست مشاركتهم في مسابقات الدوريات المحلية والخارجية تؤكد فاعليتهم، وجلّهم مثّل المنتخبات واكتسبوا الخبرة وهم أكثر استعداداً معنوياً لخوض معركة آسيا مهما كانت هوية المنافس؟ ثم هل همُ غرباء عن المتابع الحصيف، مَنْ لم يخبر قدرات جلال حسن ومحمد كاصد ومحمد حميد وفهد طالب، وليد سالم وسامح سعيد وعلاء مهاوي واحمد ابراهيم وعلي فائز وريبين سولاقه واحمد عبد الرضا وسعد ناطق وعلي عدنان وفرانس بطرس وهمام طارق واحمد ياسين وصفاء هادي وبشار رسن واسامة رشيد وامجد عطوان ومهدي كامل وحسين علي وعلي حصني ومهند علي ومهند عبد الرحيم وأيمن حسين ومحمد داود وعلاء عباس، هم شركاء واقعنا الكروي وتلاميذ مدربين تباينت مستوياتهم ونالوا ثقة ضمّهم للتشكيل الجديد، ما المشكلة؟
صالح سدير بطل من أبطال آسيا 2007 يُجزم أن التشكيل غير صالح، ولا يُقنع الجميع، وأن هناك تدخّلات من داخل وخارج الاتحاد في تحرير القائمة وهو يعلم جيداً أن بطولة غرب آسيا الرابعة في الأردن التي أختتمها صالح بركلة جزاء قبل أربع دقائق من النهائي يوم 24 حزيران2007 لم تعدّل الخسارة (1-2) أمام إيران، يومها كان أغلب عناصر المنتخب غير مؤهلين للدفاع عنه قبل 14 يوماً من أول مواجهة مع تايلاند في نهائيات كأس آسيا العام نفسه، بل كان المدرب البرازيلي جورفان فييرا مجهول الهوية وعديم الثقة الفنية بالنسبة للعراقيين، لكن تتويج جاكرتا بزعامتنا القارة دعانا لنطلق على منتخب الأسود لقبي "فخر البطولات" و"اسطورة الكرة الانسانية" ليلة النصر العظيمة بعدما عمّدَ فوزه بالكأس الروح الوطنية لأخماد فتنة الطائفية.
ومازن فياض لفت الانتباه مع مدربه حسن أحمد عندما تعاملا مع قضية تسمية منتخب الوطن بأنانية مفرطة، فالأول استغرب عدم تكرار تواجده في القائمة على أساس انحسار فرصته في البطولة الرباعية الدولية بالسعودية، والثاني انحاز بشكل فاضح له وشاطره الاستغراب ببقاء علي حصني على حسابه، وكان عليه الترفّع عن المفاضلة وأَلاّ ينزلقَ الى خطِّ المداهنة، وأن يؤازر أي لاعب يرتدي الفانيلة الوطنية.
ترى هل تتوقف هجمات السُخط ضد كاتانيتش؟ لا أعتقد، ربما تستمر طالما وجد كثيرون موقع التواصل الاجتماعي أفضل وسيلة لتحشيد الأصوات حباً وكرهاً بهذا النجم وذاك، والأسوأ ما في انتقادات المعترضين ضد قائمة معسكر قطر أنهم عدّوا خيارات المدرب بداية الشروع بمقتل أمل المنتخب في صراع قاري لن نقوى على اجتياز دوره الثاني، ليجد الرجل الغريب نفسه محاطاً بجموع من الإعلاميين وأنصار الأندية أرتدوا معاطف المحللين وجهّزوا منصّات الكيبورد لاطلاق السهام الجارحة بعدم جدوى الاستعانة به وأنه مسيّر في كل خطواته ولابد من تغيير قائمته أو تغييره إذا ما فشل في البطولة وعاد الأسود نادمين بلا نتائج ولا عروض مشرّفة.
كل ذلك يجري وسط صمت اتحاد الكرة، فالاصوات المتزنة تتساءل: نعلم لا تدخّل في حرية كاتانيتش، ولا نعلم عن حقوق كرتنا إذا فشل مع أدواته في الإمارات، ما ضريبته؟