علي رياح
استعان اتحاد الكرة العراقي بنخبة حقيقية محترمة من العارفين بشؤون الكرة العراقية وعقد مؤتمراً هو أقرب إلى الاجتماع الفني أو التداولي، لتدارس شؤون اللعبة ومحاولة النهوض بها، وهي عبارة عريضة واعدة طموحة باتت مزمنة، وهي أيضاً عبارة رفيقة لكل ما يطرح بين مدة وأخرى من حلول لمشكلات ليست وليدة اليوم، وإنما تعود إلى سنوات طويلة، وقد بات التعاطي معها من منطلق أن يأتي الحل متأخراً خير من ألا يأتي أبداً!
لست أشكك في مصداقية الشخوص الذين طرحوا حلولهم، وقد كانوا قبل ذلك يجاهرون بها في كل مجلس وحين، لكن التشكيك يبقى في مصداقية النية التي يحملها اتحاد الكرة العراقي في الاستماع إلى الأصوات الفنية من داخل أسرة الاتحاد أو من خارجها .. فقد لاحظت أن البعض اتخذ منحىً أكاديمياً صرفاً فيما طرح خلال المؤتمر – الاجتماع ، ولم يتخلص من تلك اللغة الخشبية التي تحمل مفردات جاهزة لا تضع حلولاً عملية، فيما نأى البعض عن مضمون الاجتماع وبات يرمى الاتهامات على هذا الطرف أو ذاك، وكان واضحاً أن المقصود في هذه المساهمة هو تصفية الحساب الشخصي لا أكثر.. ولا أقل!
لقد تعودنا هنا في العراق، وفي كل الميادين، أن وقوعنا في مشكلة لا مخرج لها، يستدعي الدعوة إلى اجتماع أو ندوة أو مؤتمر، حتى باتت (ميزة) الرياضة العراقية أنها حين تتقلّب على مواجع أزمة في الميدان ، تلجأ إلى الملاذ الوحيد لمعالجة الأزمة، والملاذ هنا هو جملة من الأفكار توضع في رزمة من الورق، ثم يكون مصيرها الرفوف العليا المنسية في الجهة الرياضية ذات العلاقة!
أخشى أن يكون هذا أيضاً مصير مُخرجات هذا المؤتمر الذي اتخذ شكل اجتماع موسع.. فمن خلال المعرفة الحقيقية العملية الميدانية بـ (فـكـر) اتحاد الكرة أنه يُفعـّل الحواس، ويعلن عن ابتسامة الترحاب، ويرخي السمع، ويتلقى بكل أريحية كل رأي يطرح.. لكن الاتحاد في خاتمة المطاف لا يستمع إلا لصوته في اللحظة التي تستوجب اتخاذ قرار في شأن من شؤون الكرة.. وكثيراً ما سمعت الإخوة في اتحاد الكرة وهم يردّون على كل صاحب رأي بأنهم (مُـنتخبون) وهم وحدهم من يملك الصلاحية القانونية والعملية لاتخاذ أي قرار بصرف النظر عن أي رأي يأتي من خارج هذه الدائرة الضيقة التي نسميها مجلس إدارة اتحاد الكرة العراقي.
أتمنى، هذه المرة على الأقل، أن يفرز المؤتمر – الاجتماع تعاطياً مختلفاً من قبل الاتحاد لما تمّ طرحه ، وألا يكون هذا (النشاط) عبارة عن إسقاط فرض لإظهار أن الاتحاد يعمل بوصايا الاتحاد الآسيوي وينفذ ما تنفذه الاتحادات القطرية الأخرى التي تجتمع كي تستمع ثم تأخذ بالصالح من الآراء!
أما المرور في غضون أربع ساعات على كثير من القضايا المتراكمة على مدى سنوات طويلة ولم يتحرك اتحاد الكرة عمليا لوضع علاج أو حل لها ، فلا اعتقد أنه يحمل الجدوى، ولا يقدم مردوداً يزيد عن الكلام في كرة القدم.. مثل أي كلام، في أي مجلس يجمع عشاقاً للكرة يتداولون في الرأي حول من يحبون من النجوم أو الاندية ، ثم يتبارون في توقعاتهم حول جولة من جولات المباريات!
اتحاد الكرة هو المعني تماما الآن بأن يأخذ بالرأي السديد. كيف يتمّ له ذلك ؟ الجواب يسير وهو ألا يعتبر الاتحاد نفسه معنياً وحده بالخطوط العريضة وبالتفاصيل ، لمجرد إنه جاء عبر صندوق الانتخاب ، فيما يجب تهميش كل رأي آخر حتى لو كان مدعواً من الاتحاد نفسه إلى المؤتمر – الاجتماع!