TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: ضريح لحكومة البصرة

قناطر: ضريح لحكومة البصرة

نشر في: 6 يناير, 2019: 07:51 م

 طالب عبد العزيز

أنا عضو في مجموعة بصرية، نشترك ومنذ سنة تقريباً، في حوار على الواتس اب، نتحدث فيه عن مشاكل البصرة. المجموعة تضم شخصيات كبيرة، وفاعلة في الحكومة، وفي البرلمان، بيننا الوزير السابق والموظف الكبير في الحكومة المحلية، والبرلماني والطبيب وعالم الفيزياء واخصائي البيئة ورجل الاقتصاد والصحفي والاديب ... الخ. وقد خلصت المجموعة الى نتائج بالغة الأهمية، في فهم ما تعاني منه البصرة. هناك مراكز قوى سياسية واقتصادية ومالية، في بغداد والنجف واربيل، غير معنية بما يحدث للمدينة، وبدا لنا جلياً أن قضية الماء المالح قضية بصرية بالكامل وحكومة بغداد مشغولة بما عندها وحكومة البصرة ترقد في ضريح تنافرها، ميتةً.
ولكي نجمل القضية هذه(الماء المالح) بعد أن سحبت العتبة الحسينية يدها، ولم يبق الا نفر قليل من الحشد الشعبي، يقودهم النائب عدي عواد، يعملون هنا وهناك في إصلاح ومد انابيب وأعمال حفر بسيطة، دون مستوى الطموح، كما هو واضح، نجد أن حكومة البصرة المحلية أيضاً ما زالت تشخر، نائمة، ترزح تحت نير أزمتها السياسية المزمنة، فلا مستشارون وصلوا ولا شركات أجنبية دخلت، ولا خطط وضعت، ومثل هذه وتلك، ما زالت حكومة بغداد صامتة والبرلمان خارج الاهتمام والمواطنون في يأس تام من وصول الماء الحلو.
كانت السماء رحيمة بنا في السنة هذه، فرفدتنا بالمطر الغزير، وحصل اندفاع طفيف في لسان الملح، باتجاه البحر، بالتزامن مع إرجاء الاتراك ملء سد اليسو، بسبب أعمال ومشاريع آثارية، بحسب معلومات أخيرة، لكننا، على موعد مع الصيف القادم، بكل تأكيد، وإذا لم تقم الحكومة السد المانع أو أاي مشروع اروائي من شأنه الوقوف بوجه لسان الملح، الذي إن إندفع، فسوف يأتي على ما لم يأت عليه في الأعوام الماضية، وستتجدد أعمال العنف، وتحرق المباني الحكومية، وقد تمتد شرارة التظاهرات الى مدن أخرى، ساعتئذ، ستكون الحكومة قد جنت ثمار ما جلبته على نفسها من ويلات.
ولأن قضية البصرة أكبر من أي قضية عراقية، فقد وجدتُ أن مجموعتنا على الواتس آب، تشبه الى حد كبير صورة الحكومة العراقية برمتها، فقد طرحت العشرات من المشاريع، واقترح أكثر من خبير طرائق وحلولاً، لكن، كانت كلها تصطدم بآراء المشاركين الآخرين، فهذا مع فكرة السد، وذاك بالضد منها تماما، وكل له حجته، ونفر يقول بوجوب استقدام الشركات المختصة، وآخر يتحدث عن اشراك ايران في السد، ولم يتفق الى اللحظة هذه على موقع بعينه لاقامة السد، ويذهب البعض الى تحويل شط العرب الى قناة ملحية، فيما يذهب غيره الى إعادة الشط والأراضي الزراعية، التي عليه الى عهدها الأول، غير مبال بالمتغير الذي أحدثته السدود، فيما لعبت الحكومة المحلية الدور القذر بالسماح لملاك البساتين ببيع بساتينهم، التي على ضفتي الشط وهكذا، الكل يبحث والكل يعترض والكل ينتظر الكارثة.
في النهاية، الكل مشارك في خراب البصرة. الحكومة الفدرالية والحكومة المحلية فيما الضحية هي المدينة، تعطلت الملاحة وخرج ميناء المعقل من الخدمة، وانتهت المدينة من كونها زراعية، إهمال في المفاصل كلها، والفساد ورجاله محروسون بقوانين وتوافقات الأحزاب. ربما يكون الشهران القادمان( شباط وآذار) آخر عهد لسكان المدينة بالماء (المج) قليل الملوحة، لأنا، وحتى اللحظة هذه لم نر مشروعاً للتحلية، ولا مشروعاً للتصفية، وكل شيء على حالة، منذ تموز الماضي، وحتى تموز القادم ستكون النار قد التهمت المبنى الجديد الذي تتخذه الحكومة المحلية مرقداً وضريحاً لقراراتها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram