إياد الصالحي
"اللقب يستحقّ القتال" شعار التعبئة النفسية الثائرة لم يعد حكراً على كبار آسيا ممن استملكوا كأس آسيا عبر ست عشرة بطولة ولم يزالوا يطلبون المزيد من الكؤوس تعبيراً عن ثقتهم بتاريخهم ونجومهم الذين ناموا في العسل طويلاً بعد ان أدمنوا التسلّي في شباك الفرق، وإنما منحت بطولة الإمارات الحافز لمنتخبات لم تكن تحلم بالتواجد في النهائيات تُعلن اليوم بجرأة عن رغبتها بخطف اللقب لتتذوّق طعم النصر القاري من نخب الكأس الجديدة.
منتخبات كبيرة توّجت باللقب وتاريخها يزدان بأروع ملاحم الكرة التي هزّت القارة في مناسبات مضتْ، فاليابان سجّلت الرقم الأعلى في حيازة الكأس أربع مرات والسعودية ثلاث ومثلها إيران ثم كوريا الجنوبية مرّتين فالكويت والعراق وأستراليا مرة واحدة، وحانت الفُرصة لهذه المنتخبات اليوم أن توظّف إمكاناتها المادية والفنية من أجل العودة بكأس الإمارات الى بلدانها، بينما الأخيرة ترى في جيل علي مبخوت وإسماعيل الحمادي أملاً عريضاً لكتابة أول إنجاز قاري على أرض زايد تسامح به كل أجيال الحرس القديم مَمَّنْ تعذّر عليهم أهداؤهم الكأس الغالية.
تصريحات نارية، وأخرى مشفّرة وثالثة متوجّسة لأية مفاجأة قد تطيح بها خارج دور المجموعات، كل ذلك بسبب ارتفاع حدّة النقد في استوديوهات ومجالس التحليل والتوقّع التي برع في بعضها نخبة من اللاعبين السابقين والمدربين المخضرمين والنقاد المحايدين وكذلك التغطية الواسعة لصحف وملاحق اشعلت المنافسة بقراءات ومقالات ارتقت للحدث وكرّست الموضوعية بشكل أثار الإعجاب خلال مطالعتنا يومياً لأكثر من مطبوع عربي وما ينقل عن بعض الصحف في شرق القارة.
البطولة على مستوى التنظيم ناجحة بامتياز، إذ لم يترك الإماراتيون أية شاردة تفلت دون أن يتوقفوا عندها، ووفّروا كل شيء لخدمة ضيوفهم وخاصة رجال الإعلام ليتمّوا واجباتهم بأفضل أداء وإنتاج وقناعة، هكذا هم "عيال زايد" مجرّبون وغير مطالبين بالتحدّي لتقديم كأس آسيا لتكون حديث التاريخ لسنين طويلة بفخر ذي قيمة عالية.
وفي الوقت الذي توقّعنا أن تجابه أسود الرافدين أزمات طارئة في مقر البعثة أم خارجها أم في الملعب كما حدث في مناسبات سابقة لعلّ أبرزها نطحة هوار ملا محمد لأنف يونس محمود وانفعالهما غير المبرّر في أثناء مباراة تايلاند بمستهل بطولة آسيا 2007 وأدّت إلى معاقبة هوار انضباطياً، تفاجأ أسود الرافدين اليوم بتصدير بعض البرامج المحلية أزمات انتقادات حادة من نجوم كرة سابقين لتكون مادة رئيسة من قنوات خليجية تعاملت معها باهتمام برغم أنها تؤثر على ذهنية لاعبينا وبينهم من لا تسعفه خبرته على تفادي تلك السلبية وهو ما ينبغي معالجته من قبل مسؤولي تلك البرامج.
وقريباً من الأسود، فقد استفاق مدربهم ستريشكو كاتانيتش من غفلة اختيار خطته المثيرة للجدل ولم يكن يقصد مخادعة مراقبيه باقتناص النقاط الثلاث ويكتفي كما فسّر بعض الزملاء، بل كرر اعترافه أكثر من مرة بأنه أخطأ، ولهذا نتمنى أن تكون محطة اليمن قد نفضَتْ كل ما عَلَق من "غبار" النقد السلبي على خلفية لقاء فيتنام، وبغض النظر عن النتيجة بسبب التزامنا بتوقيت دفع المقال، فكل الحشود الجماهيرية والإعلامية يجب ان تتوحّد لتشكّل عامل مساندة للأسود قبيل مباراتهم النارية مع إيران الأربعاء المقبل في الساعة 7 مساء في ملعب آل مكتوم، فهذه المباراة لوحدها "بطولة" نظراً لإقبال المنتخب المنافس ثائراً لخسارته في النسخة السابقة ضمن الدور ربع النهائي بركلات الجزاء (6-7) بعد تعادلهما (3-3).
أمنياتنا لجميع المنتخبات العربية أن تواصل الحضور في الأدوار المتقدّمة إلا من تعثّر نتيجة عدم توفيق مدربيها، ويقف منتخب النشامى مزهوّاً بنقاطه الست دون غيره من العرب الى مصاف الصين وكوريا الجنوبية في ختام الجولة الثانية للمجموعتين الثانية والثالثة وهو مكسب كبير للكرة الأردنية والعربية شريطة أن يَحذَر إعلام الأشقاء من المغالاة في المديح، فالمشوار صعب والتوازن مطلوب لضمان عدم السقوط المدوّي في فخ الغرور والوهن!