TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: أنقذونا من لجانكم الفاسدة

قناطر: أنقذونا من لجانكم الفاسدة

نشر في: 15 يناير, 2019: 07:21 م

 طالب عبد العزيز

بلغت أوضاع العراق السوء كله، ولم يعد في الافق نجم يُرتجى، هذه بلاد أوصلتنا الى النهاية المحتومة، لأي فعل خاطئ، فمنذ ثلاثة اسابيع، تأتي لجنة رفع التجاوزات، وتبلغ صاحب مكتب العقارات، الذي اشترى بستان النخل في احدى قرى البصرة، ومسح الارض وانبت أعمدة الكهرباء، ومد أنابيب الماء، وحدد مساحات البيوت وووو لتكتب اللوحة التقليدية الشهيرة: (ممنوع التجريف وعليكم مراجعة الدائرة باسرع وقت) لم يذهب تاجر العقارات الى مكتب اللجنة، ولم ولن تحقق معه، إنما قام بمسح ماكتبوا وأعاد عرض بيع قطع الاراضي التي اشتراها ثانيةً، ثم جاءت اللجنة وكتبت العبارة ذاتها، وهكذا ما زالت تتكرر عملية الكتابة والمسح. هو يكتب واللجنة تمسح، حتى باتت صفحة الكرفان الذي هو مكتبه، حائطاً بالوان لا تحصى، يمثل ما يحدث في العراق كله.
الغريب أن دائرة الماء لم تعترض على مد الانابيب، فهي ترسل موظفها ليستوفي الاجور، ودائرة الكهرباء تعاين المشهد، في كل مكان، وتشهد انبات الاعمدة هنا وهناك، وياتي موظفها ليستوفي الاجور ايضاً، ما الذي يحدث ياترى؟ والى اين نحن سائرون؟ تقوم البلدية بتوسعة الشارع لتجعل مرور السيارات والناس آمناً، فيوقف باعة الخضار والفاكهة عرباتهم عليه مضيقين من فسحته، ورجال مركز الشرطة في مخفرهم يعاينون، القائمقام يذهب وياتي ويعاين المشهد كل يوم، ومثل ذلك مع عضو مجلس المحافظة ورئيس اللجنة والمحافظ، كلهم يشاهدون ما يحدث، لكنهم عاجزون، أو لا يأبهون لما يحدث من خراب في البلاد، ما الذي يحدث؟ ولماذا هم مسؤولون في الدولة؟ وما هي حدود مسؤولياتهم إن كانوا مسؤولين؟ وما انتفاع الناس في مسؤول لا يحل ولايربط. خائف وعاجز؟
لمصلحة من تستحدث جملة الوظائف هذه، إذا كان الكل عاجزا وخائفاً؟ ما الذي يفعله المحافظ ورئيس المجلس، وعضو مجلس المحافظة، وعضو اللجنة، ورئيس المجلس البلدي والقائمقام، وما فائدة الشعب في التماثيل والخِرق البالية هذه؟ لن تقوم قيامة امة او شعب بمجموعة عاجزة وخائفة. أتطلع الى الرصيف الذي كمل في بعض المواقع بحملة تجميل وأعادة الحياة الى نهر العشار، فأجده جديدا، جميلاً، محاطا بسور من الحديد المطلي بالابيض فأقول: كم عدد الباعة الذي سيفترشونه؟ كم عدد مولدات الكهرباء التي ستنتصب عليه، بل كم عدد الاعمدة والبيارق واليافطات التي ستحفر مقرنصه وتشوه صورته، التي انفقت الدولة عليها ملايين الدولارات؟ من أجل أن تحسن وجه المدينة الكالح.
عادة ما تشكل الحكومات لجاناً في البلدية، مسؤولة عن تجميل صورة المدينة، وتحرص على اظهارها جميلة، ولو الى حد معين، ومنع تشويهها وترميم ما يتصدع في ساحاتها وارصفتها إلا في العراق، إذ لم أجد مسؤولاً أمر بحبس أو تغريم أصحاب المولادات والمواكب والبسطيات، الذين أمعنوا في الارصفة والشوارع والتقاطعات تحفيرا وتخريباً، قد نعطي المسؤول هذا الحق في منع صاحب الموكب، الذي انبت اثنا عشر بيرقاً في الرصيف، ونصب اثنا عشر قدراً، وجمع اثنا عشر تلاً من الحطب والرماد (فهذا رجل مقدس، ومالُه كله من الحلال، ويتضح ذلك في الثفنة التي في جبهته) لكن، يا ترى، ماذا بشان التاجر الذي أقام مولدة الكهرباء عليه، ماذا عن مئات البسطيات التي شوهت منظره وراكمت الطماطم الفاسدة عليه؟ كم من اللجان الخائرة الجبانة نحتاج لكي نجعل من مدننا نظيفة يا ترى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram