محمد حمدي
وفقاً لما أعلنه مدرب منتخبنا الوطني السلوفيني كاتانيتش مرات عدّة حول مستقبل مشاركة الأسود في كأس آسيا وعدم تأهله الى أكثر من المرحلة الأولى أو الثانية أبعد تقدير، فإن ما حصل للمنتخب يبدو منطقياً الى أبعد الحدود، مع قناعة مطلقة بأننا لا يمكن أن نكون بين أفضل ثمانية منتخبات آسيوية حالياً، وقد عبّر أغلب أعضاء اتحادنا بمواقف صريحة متطابقة مع بُعد نظر المدرب والاكتفاء بالعمل الجاد نحو الوصول الى مونديال الدوحة 2022.
وطالما كان عقد المدرب سارياً بقناعة تامة من الاتحاد فإن الحديث عن إقالته واستبداله بالمدرب المحلي سيعيدنا الى ذات الدوّامة المريرة التي خضعت للتحليل والتنظير ومن ثم القناعات الراسخة بعدم جدوى الاعتماد على المدرب المحلي.
خسر منتخبنا الوطني أمام قطر وفقد فرصة التأهل الى دور الثمانية من البطولة، ولم تكن خسارته هيّنة إطلاقاً، بل جاهد وحاول حتى النفس الأخير، مع أن الأخطاء المشخّصة كانت بادية للعيان حول أسلوب اللعب المتثاقِل في نقل الكرات وضُعف دفاعاتنا حدّ الوهن في مناسبات عدّة من عمر المباراة مع قطر التي وقفت العارضة والقائم معنا بتقاسم الشوطين، ناهيك عن الإعياء التام والحالة النفسية المضطربة التي شخّصها مدرب اللياقة السابق لمنتخبنا الوطني الإسباني غونزالو رودريغز وأثبتها من خلال التبديلات الاضطرارية التي فرضت على كاتانيتش بواقع ثلاثة لاعبين أصيبوا ولم يكونوا جاهزين للمباراة يضاف لهم في الاحتياط أحمد ياسين وفرانس بطرس.
الحالة الطارئة هذه لا يتحمّلها المدرب وحده، إنما يتقاسمها الملاك الطبي والمدرب المسؤول عن لياقة المنتخب وتهيئته على أكمل وجه، والحالة النفسية للمنتخب كانت مشخّصة هي الأخرى مبكّراً من أن المنتخب قد تعرّض لضغوط نفسية هائلة أربكته الى حدود بعيدة وأرغم على التداخل في أتون ما يحصل خلف الكواليس من عروض احترافية ومكافآت تشجيعية وتحمّل وزر ردّ الاعتبار عن مباريات سابقة وهو ما فشلت به إدارة الوفد بصورة عامة من تهيئة المناخ المناسب للاعبين بعيداً عن هذه الظروف مجتمعة.
إزاء ذلك كلّه يكون الحديث المبكّر عن المدرب المحلي مرّة أخرى ضرباً من العبث لامتصاص نقمة الشارع الرياضي الذي صُدِم بالخروج الصعب على أيدي القطريين في مباراة مالتْ ترجيحاتها لصالح منتخبنا الوطني، ولو تصوّرنا وهلَة أن من يقود المنتخب ملاك محلي بالكامل هل كانت النتيجة ستؤول الى غير ما حصل؟
الجواب ستخبرنا عنه التجارب السابقة الذي لا يحتمل أبداً أن يكون المنتخب حقلاً للتجارب المتجدّدة مع كل إخفاق حاصل، وعلى الاتحاد الكروي أن يستمر مع المدرب كاتانيتش طالما كان مقتنعاً بطروحاته منذ البداية وأن لا ينساق خلف الاحاديث التي ستشهدها الساحة قريباً وستطول الى أبعد وقت ممكن وقد تسفر الضغوطات والانشقاقات الى نتائج لن تسفر إلا عن زيادة متاعب منتخبنا وجمهورنا الرياضي.
المهم في الوقت الراهن أن نتقبّل الخسارة بروح رياضية عالية بعيداً عن التشنّجات، ونركن الى التحليل المنطقي، بترك المدرب يعمل ببرنامج صريح واضح للتحضير لمباريات المستقبل وترميم بيتنا الكروي بدوري كروي جيداً ونهتم بدوري فئات عمرية طموح يُقدّم لنا الموهبة المتوافرة أيضاً واستمرار البحث عن اللاعبين المغتربين الموهوبين في أوروبا وأي مكان آخر، وهم كُثر بكل تأكيد ومن المُمكن أن يكونوا سَبباً في الوصول الى منتخب أكبر وأشدّ من الفريق الحالي.