إياد الصالحي
بعيداً عن المحاباة التي ابتلي بها وسط الإعلام الرياضي تحت ضغط العلاقات الشخصية مع مسؤولي اتحاد الكرة وتردّد الأغلب من قول كلمة مباشرة لهم عقب أيّ إخفاق وطني لأسود الرافدين مثلما عادوا قبل أيام يواسون حظوظهم لعدم مواصلة الرحلة الآسيوية بعد تعثّرهم أمام قطر في المنعطف 16، فإن مصلحة اللعبة تقتضي أن يدركوا حجم المعاناة التي تسببتها سياسة الاتحاد جرّاء سوء التخطيط وتسمية أعضاء ثبتَ فشلهم المرير مع لجانهم.
منذ عام 2014 يتوالى السقوط الكروي على يد رئيس وأعضاء الاتحاد، ولم يؤكدوا أهليتهم في قيادة اللعبة لدورة انتخابية ثانية بدلالة مبالغتهم في وعودهم بأن الأسود لن تقف إلا في المباراة النهائية لتكرّر الإنجاز الثاني بعد جاكرتا 2007، فواجه الاتحاد فضيحة مدوّية أخرى في دورته الجديدة بسبب تشبّث أغلب رؤساء لجانه بمواقعهم برغم إضرارهم في الواجبات المنوطة بهم، وفي مقدمتهم لجنة المنتخبات العقيمة في منهجها والمُملّة بمفردات وعودها والفارغة من أي معالجة لأكثر من إخفاق مرّ منذ تولي رئيسها فالح موسى عمله مع ذات الاشخاص الذين لم يكن لهم أيّ دور واضح ومؤثر طوال وجودهم إلّا كعدد مُكمّل لاجتماع اللجنة اللا دوري بحسب المناسبات أو ما يطلبه تنفيذي الاتحاد لترشيح مدرب ما لمهمة وطنية.
لم يسبق للاتحاد أن تحمّل مسؤوليته بُعيد كل خروج فاضح لمنتخباتنا من التصفيات أو البطولات القارية والدولية، فالأنظار تتّجه الى تغيير المدرب أولاً ثم استبدال بعض اللاعبين وتصعيد الأزمة مع الإعلام الرياضي وتحميله تبعات الخسارة أو تبدّد الآمال وتراجع العامل النفسي للبعثة، لكنه منذ عام 2014 ولا مرة اجتمع الاتحاد ليقرر حل لجنة المنتخبات كإجراء إداري تتقاسم فيه المسؤولية مع أركان منظومة المنتخب الوطني (المدرب والملاك المساعد والجهازين الإداري والطبي واللاعبين) باعتبار أن لجنة المنتخبات تضع ستراتيجية العمل للمنتخب وتواكب تعزيز مقومات نجاحه ولا ترفع يدها متبرّئة من الفشل بينما تُهلّل في أكثر من لقاء تلفازي وصحفي إذا ما تحقق تطوّر نوعي ونتيجة إيجابية في مشاركات الأسود الأقل أهمية.
ربما تكون المقارنة ظالمة بين لجنة المنتخبات التي يستأثر عضو الاتحاد فالح موسى بمسكه رئاستها مع بقية اللجان في الاتحادات العربية التي تترأسها شخصيات ذات باع طويل في مسيرة منتخبات بلدانها وتقدّم توصيات ناجعة بقرارات مستقلّة ولا تستهلك جهودها بكثرة الكلام، فالعِبرة في النتائج مثلما صدَمتنا منتخبات عربية وآسيوية لم يكن متوقعاً لها أن تلعب دور البطولة وذلك لكونها اجتهدت وعملت على التطوير الحقيقي وليس الدعائي، ولهذا إذا ما أراد الاتحاد تطبيق العدل في تقييمه أسباب الإخفاق عليه أن يبدأ برأس منظومة المنتخب (لجنة المنتخبات) ويقرر حلّها أولاً واختيار عناصر بديلة مشهود لها بالتجارب الرصينة لترسم خطة الإنقاذ وتوظيف خبراتها وأفكارها للمرحلة المقبلة بمعية أعضاء يماثلون رئيسهم بالكفاءة والدراية والإخلاص في العمل وهم كُثر إذا ما تخلّص رئيس الاتحاد وعدد من الاعضاء المتنفذين من مزاجية التعامل وتصعيد ساتر الاعتراض ضد مدربين وطنيين كبار رُكنوا لأسباب شخصية لا علاقة لها باللعبة.
لا يخفى أنّ الإعلام يوثّق مؤشرات مخيّبة عن عمل لجنة المنتخبات خلال السنين الماضية أكدت تأثير العلاقات والعواطف والمجاملات في تسمية الطواقم التدريبية نفسها برغم الخسارات الموجعة وضعف قراءات المدربين ولجوئهم الى خيار التزوير لخداع الاتحاد والجمهور والحكومة التي تخصّص ميزانية غير قليلة لإنجاح مهام المنتخبات، ومع ذلك لم تكتب اللجنة تقريراً مهنياً مستقلاً يُقنعنا بصواب نهجها في أكثر من انتكاسة كروية ولا تقييماً فنيّاً يُدلّل على نضج الافكار الباحثة عن مخارج لأزمات المدربين ولاعبيهم، وكأنّ الاستقالة من اللجنة أو الاتحاد وصمة عار في ثقافة البعض تُحرّضه نزعة الأنانية ليخضع إلى قناعته فقط ويبقى يدور في حلقة الفشل بلا خجل.