ترجمة حامد أحمد
في تقرير لها عن وضع الاطفال التعليمي والتربوي المتضرر في محافظة نينوى جراء انتهاكات تنظيم داعش للمنطقة على مدى ثلاث سنوات قالت منظمة ، سيسفي CESVI ، الايطالية الدولية للشؤون الانسانية بان الحرب الطويلة التي جرت في العراق بين القوات الحكومية وحلفائها من جهة وبين ارهابيي تنظيم داعش من جهة أخرى قد تركت إرثا تدميرياً . الأمر لا يتعلق فقط بجانب الاضرار التي لحقت بالبنى التحتية والخدمات ولكن وقبل كل شيء ما يتعلق بالجراح التي لحقت بأذهان وقلوب الأهالي وخصوصا الاطفال.
لحد هذا اليوم ، أولاد وبنات محافظة نينوى لا يتمتعون بمستوى جيد من التربية والتعليم . المدارس ، التي استخدمها داعش سابقا كملاجئ ومقرات له ، قد تعرضت للنهب والتخريب ، حيث لا توجد فيها ابواب ولا شبابيك وشبكة الكهرباء فيها لا تعمل مع سرقة مولدات الكهرباء وتحطيم الاثاث فيها وجدرانها مليئة بثقوب الاطلاقات النارية.
على مدى اكثر من ثلاث سنوات حرموا الاطفال من الذهاب الى المدارس . حتى الوقت الحاضر فان المصاعب الاقتصادية لا تسمح للآباء من ارسال اولادهم للمدرسة وهي وضعية ادت في بعض الحالات الى انتشار ظاهرة عمالة الاطفال في الشوارع والاسواق.
المدرسون غير مدربون على العمل في حالات الطوارئ ولهم مهارات محدودة في السيطرة على الاطفال الذين يعانون من اضطرابات وحالات نفسية متعلقة بصدمات عايشوها في الحرب . هناك مشاكل كثيرة أخرى أيضاً تتمثل بعدم متابعة المدارس لمستوى حضور الطلاب للمدرسة ، وهناك القليل من المدرسين المؤهلين ، وان المؤهلين منهم ليس له الوقت أو الوسيلة للكشف عن المناطق وتحديد الاطفال النازحين والعائدين منهم.
ضمن هذا السيناريو فان الآباء لا يعتبرون المدرسة كمكان آمن لارسال أطفالهم اليها ، وانهم لا يدركون أيضاً مدى أهمية دور المدرسة في إعادة الوضع الطبيعي لاطفالهم.
وتقول ، لورينا فالفا ، منسقة حالات الطوارئ لمنظمة سيسفي الايطالية " نريد من خلال هذا البرنامج زيادة الفرص التربوية للاطفال من هم باعمار المدرسة ونوفر في الوقت نفسه دعم نفسي اجتماعي لاطفال تأثروا بالحرب في العراق . ولكي نحقق ذلك نقوم بتطوير تعليم شامل من خلال عمل مشترك مع مدرسين وجمعيات وعوائل ومستلزمات مدرسية." وأضافت ، فالفا ، بان المنظمة واستنادا لاحتياجات معينة ستباشر بجهود اعادة تأهيل تشمل ثمانية مدارس . على سبيل المثال ستقوم المنظمة بتوفير أثاث وتصليح انابيب المياه وشبكة الكهرباء وتوفير مياه صالحة للشرب في تلك المدارس . بالإضافة الى توزيع اكثر من 3 آلاف حقيبة مدرسية مع مستلزماتها ، مع تقديم دعم نفسي للطلاب المتضررين عبر تنفيذ أنشطة ابداعية تحفيزية لتطوير مستوى التعليم ومنع حدوث حالات التسرب المبكرة من المدارس.
من بين المدارس التي ستعمل فيها المنظمة الانسانية الايطالية هي مدرسة تقع في قرية ، كوري غريبان ، شمال الموصل.
أحمد منير 54 عاماً ، مدير مدرسة ، كوري غريبان ، يعتبر رجلاً متميزاً . وكما هو الحال مع بقية أقرانه من اهالي المنطقة فكان عليه الهروب أثناء الحرب مع داعش . ويقول منير " لجأت الى قرية آكري على بعد 64 كم من قرية كوري غريبان . وكان برفقتي 140 شخصاً اخر هاربين من القرية ، اهالي قرية آكري انقذونا بكرمهم خلال تلك الأيام . رحبوا بنا وقاموا بتاهيل بيوت غير مسكونة او محلات متروكة لأيوائنا واطعمونا من طعامهم . الامور تحسنت قليلا فيما بعد وقررت الرجوع الى القرية باقرب وقت ممكن."
المدرسة الابتدائية التي يديرها ، منير ، مدرسة صغيرة من ستة صفوف وساحة طينية تغمرها البرك عندما تمطر . ليس هناك مياه صالحة للشرب داخل المجمع ولهذا فان الطلاب والكادر التدريسي يضطرون عند العطش للشرب من مياه غير نظيفة من بئر محفورة في الساحة . غرفة الحمام الصغيرة في المدرسة والتي تعمل بحاجة الى توسعة وتأهيل في حين هناك حاجة ايضا لارجاع التيار الكهربائي للمدرسة.
يقول مدير المدرسة " أرجو من هذا المشروع ان يعطيني الفرصة لجعل مدرستي مكان جميل و آمن للاطفال لكي يأتوا ويتعلموا اشياء كثيرة . عملية الاحياء الجديد للمدرسة ستسمح لنا تصليح الابواب والشبابيك لنبقى نشعر بالدفء اثناء الشتاء عندما تهبط درجات الحرارة دون الصفر . حلمي انه في يوم ما عندما يصبح التلاميذ بالغين فان طلابي قد يمنحوا قريتنا حياة جديدة من كل جانب.
كانت أعين مدير المدرسة تفيض بالدمع وهو يقول هذه الكلمات . الحياة بالنسبة له لم تكن سهلة . اليوم قد عاد الى عمله وإنه متفائل بمشروع الدعم النفسي والاجتماعي التي تقوم بها المنظمة للطلاب من الأطفال لكي يتغلبوا على المصاعب التي مروا بها خلال المعارك واضاف قائلا " نحن بانتظار المستلزمات المدرسية وكذلك قدوم مدرسي مادة اللغة الانكليزية والرياضيات ، أنا مستعد لأن أكرس نفسي لهؤلاء الاطفال الذين يمثلون أملنا ومستقبلنا ."
من جانب آخر تقول منظمة اليونيسيف لرعاية الطفولة والأمومة بان توفير نوعية شاملة من فرص التربية والتعليم للجميع هو هدف مشروع التنمية المستدامة لعام 2030 . مع ذلك فانه لحد هذا الوقت يوجد هناك ما يقارب من 303 ملايين طفل ومراهق حول العالم ليس لديهم فرصة للالتحاق بدروس مدرسة ابتدائية أو اكمال مسلك دراستهم التعليمية . الفقر والتمييز والحروب والتهجير تعد من الاسباب الرئيسية لتسرب الاطفال من المدارس . هناك طفل واحد من بين كل ثلاث أطفال يعيش حالة طوارئ تمنعه من الذهاب الى المدرسة.
عن موقع منظمة CESVI الايطالية