محمد حمدي
انتهى المولد الآسيوي رسمياً بتتويج العنابي القطري بفخر واستحقاق كأفضل فريق آسيوي متكامل أطاح بكبار المرشحين بالتتابع وسجل أفضل النتائج القياسية، أفضل فريق أفضل هداف ولاعب أفضل حارس مرمى أفضل مدرب، والأكيد وما لا خلاف عليه أن المنظومة المتكاملة للعنابي قد عملت على أكمل وجه بشهادة جميع خبراء ومحللي المنتخبات الآسيوية الذين اجمعوا على استحقاق الشقيقة قطر للكأس الآسيوي الذي جاء نتيجة عمل متقن على أعلى المستويات.
والأكيد أن ما بعد هذا الدرس الآسيوي الشيق سيكون التنافس في الخفاء والعلن محموماً على تصحيح الأخطاء لجميع المنتخبات التي اخفقت في البطولة ومحاولة اللحاق بركب قطر وغيرها من الدول التي افصحت عن نفسها، وبالقدر الذي تألمت فيه جماهيرنا الرياضة وتجرّعت آلام الخسارة لأننا من بين الدول التي اخفقت ايضاً من اول اختبار حقيقي في البطولة بدورها السادس عشر طالما كانت الفائدة من المشاركات حاضرة.
ما أكده اتحاد الكرة عن عزمه تحليل الاسباب والمسبّبات والوقوف عليها بعناية فائقة لنكون قادرين على تخطّي البلدان الآسيوية في الاستحقاقات المقبلة، نود هنا التذكير أن الاخفاق كان رباعياً بامتياز لمنتخبات الناشئين والشباب والأولمبي والوطني بفترة لا تمتد أكثر من أربعة اشهر وهي مؤثرة جداً وتدق ناقوس الخطر بأننا لا نعاني الفشل بتجربة واحدة، بل انهيار المنظومة الكروية كاملة، فقد اخفق الناشئون في ماليزيا من الدور الأول لبطولة آسيا تبعهم الشباب بأيام معدودة وتمزّقت شباكهم كفريق هش في بطولة آسيا للشباب باندونيسيا وأثر مدرب المنتخب الأولمبي عبدالغني شهد أن يلغي المشاركة الآسيوية من الأصل لعدم جدواها، ومن ثم حضرت بطولة آسيا في الإمارات بجميع تفاصيلها المثيرة مع المدرب السلوفيني كاتانيتش وما زال حبل تداعياتها وما حصل في الأيام الأخيرة يتضح ساعة بعد اخرى.
من كل ذلك نستنتج بما لا يقبل الشك أن المنتخبات التي تمثلنا تعاني أنواع العلل ولا تقوى على المشاركات الآسيوية وربما الإقليمية أيضاً، فهل هناك أنصع من هذا الدليل الواضح ولم نتحدث بعد عن دوري الكرة الضعيف المهزوز بتفاصيلة وهو الاساس الأول لبناء المنتخبات، فإذا كان الاساس رخواً مريضاً كيف لنا أن نترجّى البناء المتين الصلب؟
أعتقد أن الاتحاد لا يملك إزاء هذه المعادلة شيئاً يذكر سوى إفراغ الشحنات الصاعقة التي يجب تفريغها والتنفيس عن الجماهير بشيء يذكر، وربما دفع ثمن ذلك أحدهم ممن لا يؤثر ولا يستأثر بشيء كيما يقال أن اتحادنا الكروي بدأ بخطوات جادة للنهوض بواقع المنتخب الوطني والحقيقة هي غير ذلك بالتأكيد فلا المدرب ولا اللاعب المحترف ولا التحضير بشهر وشهرين كانا سيعينان الأسود الجريحة على تكملة المشوار لأن السبب اعمق واشمل من هذه الطروحات.
إن المشكلة التي تتجلّى اليوم في كرة القدم هي بحقيقتها صورة متكاملة لجميع الألعاب الرياضية بلا استثناء وإن الحلول المرجوّة لهذه الامراض لا يمكن أن تتحقق من اتحاد الكرة أو اللجنة الأولمبية العراقية بانفراد، بل يتعدى الأمر الى المؤسسات الاخرى التي يلامس عملها الرياضة بصورة أو باخرى إن كانت تشريعية أو تنفيذية، وإن الاحساس بأهمية الرياضة وشحذها للهمم الوطنية والارتقاء بالمواطنة وهو أمر مفروغ منه ولابد أن يكون انعاشها من أعلى المستويات في الدولة كقضية وطنية عاجلة تتوجّب التطوير والتشذيب والمحاسبة وإبعاد المفسدين والمفاصل الزائدة عن جسد الرياضة السليم كي تتعافى وتعمل كمنظومة متكاملة بصورة صحيحة.
خلاف ذلك فإننا سنطوي سجل الفشل ونرضى بمهدّئات العلل الاتحادية التي يجري تحضيرها اليوم بمختبراتهم البائسة للاستهلاك الإعلامي فقط وعلينا أن ننتظر موجات أخرى من الفشل الفني والإداري ونودّع رياضة الإنجاز الى الأبد والكرة أولها.