طالب عبد العزيز
من خلال معرفتي الشخصية ببعض النواب، عن البصرة، وجدت أنَّ غالبيتهم، فتحوا مكاتب لهم في المدينة، يستقبلون فيها المواطنين، ثم أنني وجدت أنَّ نسبة كبيرة جداً من المطالب هذه، إنما هي شخصية بحت. وبدا لي أن النواب هؤلاء، يكتفون بهذه وتلك، من خلال وجودهم في البصرة، أثناء عطلة الفصل التشريعي، وهنا، يمكنني أن أقول بان النائب، والى اليوم لا يعرف حدود مسؤوليته في البرلمان، مثلما لا يعرف المواطن جوهر ما يتوجب على النائب أن يحققه له، هذا، الذي انتخبه، في بلاد كل ما فيها بات محدوداً وشخصياً.
قلت لأحدهم: لماذا لا يشكّل نواب البصرة فريق ضغط (لوبي) داخل مجلس النواب، من أجل تحقيق طموحات وغايات سكان المدينة الكثيرة، التي تعاني من الفساد وسوء الادارة والاهمال والنقص في الموازنة وفرص العمل وتلكؤ المشاريع.. الخ فأجابني باستحالة تحقيق ذلك، لسبب بسيط هو أنَّ النواب إنما يعملون لصالح أحزابهم، ولا يشقون عصا الطاعة على رؤوساء كتلهم، مهما كان، بل وذهب الى أبعد من ذلك بقوله: هناك، من يعرقل أي مشروع قد تتقدم به كتلة ما، إذا لم ينسجم مع أهواء وطموحات الكتلة تلك.
ليس في القضية ما أستغربه، فقد دأبت العملية السياسية في عراق ما بعد 2003 والى اليوم على هذه، لكنني، أقف عند تشكيل رئاسة الوزراء لما يسمّى بالمجلس الاعلى لمحاربة الفساد، وما هي أهميته إذا كان البرلمان، وهو أعلى سلطة تشريعية، يعمل بالضد من الآلية التي وضعت للمجلس هذا؟ وماذا يعني مراكمة الدولة لعديد اللجان، التي لم تقم على حقيقة وجودها ساعة، في البلاد التي تخترق الارادات السياسية فيها أدق مفاصلها، بما فيها القضاء. يسألني أحد الايرانيين –الاهوازيين عن السبل التي يمكنه القيام بها، للإفراج عن أحد أقربائه المودعين قيد التحقيق، في قضية حيازة نصف كيلو غرام من الحشيش؟ فاجيبه: بسيطة، في العراق يستطيع المحامي (الفاهم) وبالتعاون مع القاضي المُهْدد من الحزب النافذ، مناقلة الحكم من المتاجرة الى الحيازة او التعاطي وبذلك سيفرج عنه.
في الازمات التي عصفت ببعض المدن العراقية، غالباً ما يدور الحديث عن ابدال المحافظ بمحافظ جديد، أو رئيس المجلس برئيس آخر، من أجل الخروج من الازمة هذه، لكن، وبعد سنة أو أقل من التبديل تعاود الازمة ذاتها، وهذا ما ألفناه في البصرة والنجف وكربلاء والرمادي وبغداد وغيرها، دونما أن يتنبه البرلمان لمعالجة قضية مثل هذه، دونما أن تلتفت الدولة، وهكذا ظل الامر يتكرر عقب كل عاصفة جماهيرية، تزهق فيها الارواح ويتبدد فيها المال. أليس من واجب البرلمان التوقف عنده هذه القضية أو البحث في معالجتها؟
قلت للنائب: وماذا عن أزمة البصرة في الماء الميناء والسد والمشاريع والسكن، فيجيبني هي بيد الكتل. ترى، وبعد جبل الازمات وتراكم المشاكل وتراجع البلاد... نقول: ألم يئن الأوان لولادة شخصية عراقية وطنية وشريفة، عفيفة وصادقة، مخلصة وقوية وشجاعة ووو تأخذ على عاتقها مسؤولية انتشال العراق مما فيه؟ هذه البلاد التي انجبت الفحول من الشرفاء والوطنيين، لماذا باتت عاقراً لا تلد الشرفاء؟