TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناديل: هل نمضي نحو الهاوية؟؟

قناديل: هل نمضي نحو الهاوية؟؟

نشر في: 9 فبراير, 2019: 07:20 م

 لطفية الدليمي

هناك موجة متعاظمة من الكتب المنذرة بالمخاطر التي تواجه أو ستواجه كوكبنا في القريب العاجل من بينها كتاب ( الممانعة ) الذي كتبه الروائي والفيزيائي الأرجنتيني الراحل ( أرنستو ساباتو ) و قدم فيه رؤية أخلاقية وفكرية ضد الانحطاط الذي داهم كوكبنا وشمل كل شيء حولنا،وجعلنا نعتقد خطأ أننا نتواصل مع أبناء جنسنا عبر عولمة الإعلام ،غير أن الحقيقة مختلفة تماما على أرض الواقع ، فنحن ننفصل عن الواقع والجماعة البشرية ونعيش في حشود منغلقة ودعانا ساباتو أن لانذعن لموجات التخدير التي يسببها الضجيج الإعلامي وهي تحولنا الى كائنات بليدة مستنفدة القوى.
وثمة كتب اخرى تنذرنا بمخاطر هيمنة الروبوتات والذكاء الإصطناعي وإمكانية فقدان السيطرة من قبل البشر بحدود سنة 2040.
يتخذ عالم الاجتماع والمفكر الفرنسي إدغار موران سبيلاً مماثلاً لتوجهات ساباتو إنما من وجهة نظر فيلسوف يهمه مصير البشرية والمخاطر المحدقة بها في القرن الحادي والعشرين.
يرى أدغار موران في تقديم كتابه التحذيرى ( هل نسير إلى الهاوية ) أن مصير كل فرد على وجه هذا الكوكب الجميل اليوم بات محكوما بمصير أرضي جماعي وهو مصير كارثي مالم نتدارك الأمر ونبتكر الحلول الناجعة، فنحن نواجه المشكلات الحيوية ذاتها كجنس بشري وتواجهنا التهديدات المميتة في سباق كوكبنا المتفاقم نحو التصنيع، وانغماس البشرية في مجالات العولمة والتغريب والنموغير المسبوق في بعض الدول و الفقر غير المسبوق في دول فقيرة أخرى تزداد جوعاً وتخلفاً.
يركز أدغار موران على أن هذا السباق المتسارع يضع مجتمعاتنا التقليدية في أزمة ،ولاتستثنى من الأزمة ذاتها مجتمعات الحداثة في الغرب والشرق . ويرى أن فكرة التقدم الملهمة التي كانت تبدو لنا حتى عقود قليلة ماضية وكأنها القانون الجبار الناظم للتاريخ ، وهاهي اليوم تترك مكانها للشك والمخاطر وصنوف التهديدات المستجدة التي حذر منها العلماء والفلاسفة والمفكرون.
يعلن موران خيبته من موجة الحداثة التي طبعت القرن العشرين بمنتجاتها التقنية ويقول : ( لقد استشرت الحروب على كوكبنا وغلُبت على معظمها الأسباب والدوافع العرقية والدينية وأينما اتجهنا يتراجع النظام وينتشر العنف في جهات كثيرة )فالكوكب يمضي نحو الكارثة بوتيرة متسارعة قد لانجد الوسيلة والسبل المتاحة لتفادي وقوعها. يشير موران في التفاتة منه إلى عصر مابعد الأنوار إلى أن المحرك الرباعي الذي يتكون من(( العلم والتقنية والاقتصاد والربح )) كان مقدرا له أن يحقق التقدم للبشرية كما تخيلته عقول عصر التنوير ، غير أنه أضحى منذِراً بتوجيه مركبتنا – كوكبنا الأرضي – نحوالكارثة لعدم وجود ربان ماهر وحكيم يقودها نحو السلامة بل أنه صار تهديدا بموت مزدوج : موت المجال الحيوي للأرض باستنزاف غاباتها وتعريض معظم الكائنات الحية للانقراض إلى جانب خطر الموت النووي .فقد انقلبت الامورعلى نقيضها، بعد أن كان العلم ينير ظلمات العصور والعقول صار سبباً لعمى البصائر وأصبح العلم المنفلت وحشاً يهدد البشرية بخاصة في مجال التعديل الجيني للأحياء والتقنية الفائقة التي طوّرت الآلات الخاضعة لمنطق آلي خالص، مازلنا نؤمن أن بوسعها خلق آلات أفضل تدرك مزيداً من تعقيدات العلاقة بينها وبين البشر، ومن جهة أخرى سنأمل أن يتغير نموذج الاقتصاد المحكوم بنزعة التنافس الذي تقوم عليه الليبرالية الجديدة ويتيح إمكانات جديدة مثل التجارة العادلة والاقتصاد التضامني أو مايسمى اقتصاد المواطن.
برغم تحذيرات الفلاسفة والمفكرين والعلماء من الكارثة المتوقعة، إلا أن الدول الكبرى تواصل اللامبالاة إزاء التلوث والاحتباس الحراري وتمضي قدماً في السباق النووي المنذر بالفناء الشامل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram