adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
لا يريد رئيس مجلس النواب أن يمنحنا فرصة ولو قصيرة لتعديل أو تغيير وجهة النظر التي تترسخ يوماً بعد آخر في طريقته بالإدارة، وهي طريقة، كما قلنا، وغيرنا، سابقاً إنها فاشلة ولا تصلح لإدارة مؤسسة صغيرة ، مثل حانوت المدرسة، وليس مؤسسة بأهمية ومسؤولية السلطة الأولى، التشريعية، في البلاد التي تتطلب رجالاً ونساء من الطراز المرموق خبرةً وكفاءةً وليسوا ممن يظنون أن إدارة البلاد لا تختلف عن "لعب الزعاطيط" في الدرابين.
منذ بداية الدورة التشريعية الحالية التي ذهبت الى العطلة الآن، أثار الحلبوسي العراقيين بقراراته المتعلقّة بمنح امتيازات جديدة للنواب قبل أن يبدأوا عملهم، فيما كان الناس الذين انتفضوا انتفاضة عظيمة في الصيف وقاطعَ الكثير منهم الانتخابات البرلمانية الاخيرة في رسالة قوية الى البرلمان الجديد والطبقة السياسية المتنفذة، ينتظرون أن يبدأ البرلمان الجديد بفتح ملفات التشريعات المطلوبة المؤجلة التي من شأنها وضع القوانين اللازمة لتوفير الخدمات ومكافحة الفساد الإداري والمالي وتحقيق الأمن والسلم الأهلي.
وتحت قبة البرلمان أيضاً أقدم الحلبوسي على العديد من الخروق للنظام الداخلي وبخاصة عند التصويت على الإجراءات والقوانين الجديدة وعلى توزير الوزراء في الحكومة الجديدة، ما أظهره في موقف مناقض لما ينبغي أن يكون عليه من عدالة وإنصاف وحياد.
والحلبوسي بدا منذ أول الدورة التشريعية التي ترأسها مهتماً بسفراته الخارجية أكثر من زيارة المناطق العراقية المحتاجة وبخاصة التي تضرّرت من اجتياح داعش والحرب ضده. والسفرات الخارجية لم يسجل فيها الحلبوسي فائدة تذكر للعراق بل إنّ آخر سفراته كانت فضيحة حقيقية، فقد ذهب الى لندن وكان في جدول أعماله اللقاء بكفاءات علمية وطبية وتربوبية وثقافية لحضّها على العودة الى البلاد، لكنه قام بما يناهض المهمة، فقد وصل الى مكان الاجتماع متأخراً أكثر من ساعة ونصف الساعة، ولم يعتذر عن التأخير بل أرسل ابتسامة غير مناسبة معلناً أنّ تأخره عن الموعد المسائي كان بسبب نومه!..
النوم صار مألوفاً في عهد الحلبوسي فالدورة البرلمانية الحالية لا تفتتح جلساتها إلّا بعد الظهر فيما كانت تفتتح في السابق قبل الظهر، والسبب دائماً يرجع الى الحلبوسي في تأخره بالوصول الى قبة البرلمان.
آخر اضطرابات الحلبوسي أنه وجّه منذ أيام تنبيهاً وتحذيراً الى رئيس القائمة الوطنية إياد علاوي بسبب تجاوز غياباته الحد الأعلى المسموح به.
علاوي لم يكن الوحيد المتخلّف في الدوام .. هناك آخرون، بل هناك نواب لم يداوموا أصلاً، كنوري المالكي وحيدر العبادي الطامحينِ لمنحهما منصب نائب رئيس الجمهورية.
الحلبوسي برّر، عبر مكتبه، عدم شمول المالكي والعبادي وغيرهما بأمر التنبيه والتحذير أنّ النظام الداخلي للمجلس لا يوجد فيه نص بخصوص هذه الحالة!!
كلام كهذا معيب أن يقال من رئيس البرلمان المفترض أن يكون شديد الحرص على تشريع القوانين والانظمة المطلوبة. كان يتعيّن على الحلبوسي أن يطرح على الدورة الحالية معالجة هذه المشكلة المتوارثة من الدورات السابقة، وكذا مشكلة كثرة الغيابات عن اجتماعات المجلس التي تسبّبت في رفع الجلسات وعدم التصويت على قوانين وقرارات حيوية وعدم تمرير وزراء .. إذا كان رئيس مجلس النواب لا يهتمّ بأمور كهذه ما فائدة إسناد رئاسة المجلس إليه؟
الحلبوسي يحتاج الى جلسة تأمّل طويلة مع نفسه لمراجعة تجربته الفاشلة في إدارة البرلمان، وإلّا سيظل يبدو لنا أنه إنما يدير أهم مؤسسة في البلاد كما لو كانت "لعب زعاطيط"، وفي هذا إهانة سافرة للشعب العراقي كله.