علي حسين
يوم الجمعة كنت ضيفاً خفيفاً على نادي المدى للقراءة مع الدكتور عقيل مهدي وحديث عن صاحب المسرحية الشهيرة "في انتظار غودو" الايرلندي صموئيل بيكت والذي تفنن أن يقدم لنا شخصين بإئسان في حالة ترقب وانتظار لبطل يودعانه أحلامهما.. ويتوقان إلى أن يكون في وجوده خلاص لهما من معاناتهما التي طالت.
بطلا المسرحية "فلاديمير" و"أستراغوان" ينتظران "غودو" من دون أن يتأكدا من زمان ومكان اللقاء وكل ما لديهما بهذا الشأن مجرد تلميحات وتكهنات. "ماذا تريد أن تقول؟!.. هل أخطأنا المكان؟! - لم يقل قولا حاسما بأنه سوف يأتي - وإذا لم يأت؟!.. نرجع غدا؟!.. وإذا لم يأت غدا؟! نرجع بعد غد؟! "بل إنهما لا يذكران ما وعدهما به "غودو" وما طلبا منه.. هل وعدهما بالتغيير؟!.. بالحرية والعدالة والديمقراطية والرفاهية؟!.. هل طلبا منه وضعاً أفضل، حياة أجمل ؟ مستقبلا مشرقا ؟ هل وعدهما وعدا سيتحقق أم أنها مجرد وعود؟
ويتساءلان ، هل لابد من أن يبذلا جهدا خارقا حتى يصبحا جديرين بزعامته.. ومن ثم يحظيان باهتمامه ورعايته.. لابد من أن يتوسلا..ويهرعا بالتوقيعات والهتافات والتوسلات، كي يقبل في النهاية ان يكون هو القائد والزعيم، وتستمر هذه الدورة الى ما لانهاية و" غودو " غير معني بآلام وآمال المنتظرين.
يسعى معظم سياسيينا إلى تقمص دور" غودو" وان يحددوا للناس ما الذي يجب أن تسير عليه، ووضع الأجندة الخاصة بالبلد، وتحديد الأولويات بحسب ما يعتقدون ، ولم يحدث إلا ما يريده الساسة سواء في تجمع النداء او في مجموعة الإصلاح ، فيما يظل المواطن البسيط، مثل المسكينين" فلاديمير واستراغون" سجناء احتياجاتهم الحياتية وأحلامهم.
" غودو" وجماعته لم يتعلموا سوى إعداد طبخات سياسية فاسدة. ولأن طباخيهم هواة لا يخجلون من إعداد طبخات منتهية الصلاحية، من يراهم اليوم يتخيل أنهم جماعات جاءت لتعاقب العراقيين وتنتقم منهم.. يتصورون أنفسهم شطارا فيضعون على طبختهم توابل لإخفاء معالم الطبخة الفاسدة .
أحدث الطبخات إعادة حنان الفتلاوي الى الواجهة .. عندما شاهدت إحدى الندوات التي أقامها ملتقى الرافدين ، الذي لانعرف حتى هذه اللحظة من أين له كل هذه الاموال الطائلة التي يصرفها على ندواتها " الإصلاحية " ؟ ، بحيث تسنى له ان يعيد لنا حنان الفتلاوي في مسرحية مضحكة بعنوان
" الاصلاح والمصالحة " ، وهي التي رفعت يدها بالدعاء على كل من لم يصوّت لها ، وخذلها في حرب 7×7 .
لا ادري لماذا لايريد جماعة الاصلاح والمصالحة " ان للناسالحقّ في أن تستريح من الوجوه التي تسببت في خراب السنين الماضية .