TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: هل يبقى الحشد مقدَّساً؟

شناشيل: هل يبقى الحشد مقدَّساً؟

نشر في: 13 فبراير, 2019: 08:42 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

إذن، الحشد الشعبي ليس بمقدّس، ولم يكن مقدّساً ولا يتعيّن أن يكون مقدّساً كما أُريدَ له أن يكون لأغراض لا تتعلق بفكرته والغاية النبيلة التي انطلق في سبيلها.
ها هو الحشد يتبدّى لنا الآن مجموعة من البشر، وليست من الملائكة، مثل سائر مجموعات البشر، بينها الصالح وبينها الطالح، وكلٌّ يؤخذ بجريرة أعماله، صالحة أو طالحة.
لغايات نفعية، ذاتية وحزبية ومذهبية، أُريد لنا أن نقدّس الحشد الشعبي تقديساً، حتى لا نعارض ولا نعترض على أية أعمال وغايات طالحة أراد البعض أّن يزجّ الحشد الشعبي فيها، ومنها فرض السلطة والنفوذ والاستحواذ على الأملاك العامة والخاصة بالقوة.
الدولة، صاحبة قوة الحشد الشعبي ومرجعيته تقول الآن إنها اضطرت لدهم مقارّ للحشد ووقف العمل فيها ومصادرة ممنوعات، بينها أسلحة وأموال منهوبة ووثائق مزوّرة لممارسة أعمال الابتزاز والاحتيال.
لم نسمع من قبل بأنّ الجيش مقدّس والشرطة مقدّسة وقوات الأمن العام وجهاز المخابرات مقدسة، مع أنها قوات الدولة الرسمية، الدستورية، التي تستند إليها في حفظ الأمن الداخلي والسلم الأهلي وسيادة البلاد واستقلالها.
الحشد الشعبي أعلن بنفسه في الايام القليلة الماضية عن قيامه باجتياح مقارّ واعتقال أشخاص ينسبون أنفسهم إليه، ويتصرّفون باسمه. وبالطبع فإن التصرفات المقصودة هي ممّا يتعارض مع النظام العام والقانون وغايات الحشد. ومثل هذا الكلام كنّا وآخرون نقوله من قبل، ناقلين شكاوى مواطنين من تصرّفات "حشداوية" أو منسوبة الى الحشد مسيئة للغاية وفيها تجاوز على القانون والنظام العام وحقوق الناس الشخصية والعامة، بيد أننا كنّا نواجه بإشهار البعض في الوجوه سلاح "الحشد المقدّس"، ما كان يشجّع العناصر الخارجة على القانون والمنفلتة على التمادي في تصرفاتها، وهو مما أساء كثيراً الى الحشد وفكرته وغايته.
هل صار معلوماً ومفهوماً الآن أن الحشد بذاته، مثل أي مجموعة بشرية، ليس مقدساً ولا يتوجّب تقديسه؟ وأن المقدّس هو فكرة الحشد وعمله؟
إذا كانت غايتنا بناء دولة قوية تستطيع الدفاع عن نفسها وكيانها وشعبها وتتقدم نحو المستقبل، لابدّ من نزع القدسية عن أفرادها وكياناتها، فليس من الصحيح الدفع باتجاه تغوّل مؤسسة ما فيها، عسكرية أو أمنية أو مدنية، ووضعها فوق الدولة والمجتمع بتقديسها.
لننتهِ من هذا .. لا قدسية للحشد وسواه، لكن كل التقدير والتبجيل للأعمال الوطنية التي يقوم بها ولتضحياته التي لا تفرق عن تضحيات الجيش والشرطة وسواهما من أجهزة الدولة الوطنية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram