إياد الصالحي
هدأت عاصفة انتخابات المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية الوطنية بعد أن تطايرت أوراق الناخبين مع الأهواء لتدعيم بقاء الرئيس ونائبه وبعض الاعضاء في ولاية جديدة بعيداً عن مصلحة الرياضة التي ظلّت سلال ثمار السنين الخمس الماضية خاوية أمام أنظار الهيئة العامة دون أن تتحرّك لتغيير سلوكها الانتخابي كي تنتصر لأخلاقيات ومبادئ التصويت لهذا المرشح أو حجب الثقة عنه وتلقينه درساً لن ينساه.
نحترم خيارات الهيئة العامة بولادة مكتب تنفيذي جديد لأربع سنوات مقبلة متخمة بالتحديات القانونية والفنية ومشحونة بمعارضة اتحادات وخبراء لديهم طروحات موضوعية عن صلاح كل عضو فائز بالدورة الجديدة من عدمه على وفق تقييم منصف لما قدمه في السنين الفائتة كمعيار يؤسس للتفاؤل أو التشاؤم لما نترقبه من المرحلة الصعبة المقبلة.
لكن .. الأكثر أهمية من الانتخابات وكرسي الرئاسة وأصوات أعضاء الهيئة العامة المضمونة مسبقاً، كيف يسكت رئيس اللجنة الأولمبية وأمينه المالي طوال الأيام الأربعة الماضية وهناك من يتداول مقترح تشكيل لجنة بالتنسيق مع وزارة المالية تباشر منح الأموال الى الاتحادات وليس عن طريق الأمانة المالية للأولمبية؟ ألا يعد ذلك فقداناً للثقة بطرق إنفاق الميزانية أو تلميحاً بتبديدها في غير أبوابها الشرعية لاسيما أن أعضاء كتلة المنسحبين لم يتردّدوا من القول (نمتلك وثائق تثبت استخدام المال الرياضي لأغراض انتخابية)! هنا يفترض ان ينتفض الرئيس والأمين المالي وجميع الاتحادات المؤيدة لإجراء الانتخابات بتجميد أنشطتهم وعدم المضي للانتخابات حتى تنهي الحكومة تحقيقاً شفافاً وعادلاً لمراجعة كشف الحساب منذ عام 2009 حتى 2019 وتُعلن توصيات التحقيق أمام الملأ، فليس هناك أغلى من النزاهة والعفّة .. والمال من شرف الرجال أيضاً.
وماذا بعد الآن؟ في ظل مراقبتنا لردود الفعل ما بعد لقاء رئيس الحكومة مع رئيس اللجنة الأولمبية بحضور وزير الشباب والرياضة عشية المؤتمر الانتخابي لم نرَ في الأفق أي ملامح تُخرج أزمة الأولمبية الى برّ الأمان، إنما هناك معطيات لا تقبل الجدل تؤكد على ضرورة انصياع القائمين على شؤون الأولمبية لصوت القانون العراقي بدلاً من خلط الأوراق وتخويف الجماهير بأن رياضتهم ستدخل شرنقة العزلة بقرار دولي في حال ظلّت الحكومة تطاردهم لتثبيت شرعيتهم محلياً وتجرّدهم من صلاحيات توزيع اموالها الى الاتحادات مستفيدين من شهادة ممثل المجلس الأولمبي الآسيوي الكويتي حيدر فرمان المتواجد في بغداد منذ أيام وإصراره على أن يوم السادس عشر من شباط 2019 يوماً مهاباً لدى الأولمبية الدولية لا يمكن للعراق تهميشه أو التخلّف عن تأدية التزامه!
وقبل أن يباشر وزير الشباب والرياضة كتابة رسالته الى الأولمبية الدولية مثلما تم الاتفاق على ذلك تماهياً مع مصلحة الحكومة والقضاء والرياضة لإيضاح الموقف الرسمي بلهجة حازمة ترتقي الى هيبة العراق في الدفاع عن قراراته وأنظمته مثلما نأمل ذلك في أصل الخطاب، نوجّه سؤالاً مباشراً لرئيس اللجنة الأولمبية رعد حمودي وكذلك الممثل الدولي حيدر فرمان لتذرّعهما بعدم إمكانية التراجع عن موعد إجراء الانتخابات: قبل ثلاث سنوات ألزمت اللجنة الأولمبية الدولية أولمبية حمودي التشاور مع الحكومة لإيجاد صيغة توافقية تنهي أزمة تأخر صدور القانون الجديد، لماذا تم تسويف الموعد بعِلم فرمان الذي قضى السنين المارة بزيارات مكوكية لم يكن حريصاً خلالها على تحذير حمودي نفسه من نتائج المضي في سياسة بطء حسم مسودة القانون؟
وعلى غرار احترام المواعيد الدولية كونها مُهابة ولا يجوز التنصّل منها، رفضت المحكمة الاتحادية العليا استمرار الأولمبية بوصفها الحالي ببيان صدر يوم يوم 11 شباط 2018 طالبتها بـ (إعادة التأسيس على وفق أطر جديدة تتماشى والنهج الديمقراطي الذي سلكه العراق بعد سقوط النظام السابق، وعلى وفق أحكام الميثاق الأولمبي العالمي) فلماذا لم تعد الأولمبية تاريخ بيان المحكمة قبل سنة من الآن موعداً مهيباً لها يُلزمها إنجاز متطلباته؟
للأسف ستظل الأزمة مشرعة أمام مفاجآت كثيرة نتيجة العناد وتعدّد الاصطفافات والعهود المزيفة للحكومة صباحاً وفي المساء يجري التخطيط لبلورة اتفاق دولي يضمن مصلحة اللاهثين وراء مناصب أثبتت الدورة المنتهية فشلهم بالأرقام والنتائج والخروق والتناقضات بالحلول مثلما خرج رئيس الاتحاد السابق ناجح حمود بحل يعده منطقياً وهو أن تسمح الحكومة للأولمبية المنتخبة ممارسة أعمالها لمدة ستة أشهر كي تصدر قانونها الجديد، وتناسى في مقدمة حديثه تأكيده أن الكيانات المشكّلة للهيئة العامة للأولمبية باطلة لعدم إجراء عديد الأندية انتخاباتها منذ ست سنوات.. فكيف تعترف الحكومة إذن بولادة أولمبية غير شرعية؟ !