علي حسين
في فرنسا بلد العجائب والغرائب ظهرت خلال الأشهر الماضية حركة احتجاج أطلقت على نفسها اسم "الأقلام الحمراء"، يقودها عدد من المعلمين يعملون بالقول الشائع "عندما يغضب المعلم فإنه يخرج القلم الأحمر". ، ومعلمو فرنسا يلوّحون بأقلامهم الحمر ليس ضد الطلاب ولا لتعطيل الدراسة ، وإنما احتجاجا يهدف الى إعادة الاعتبار لمهنة التعلم ، والتقليل من عدد الطلبة في الفصل الواحد ،. وقد كتب المعلمون منشورات على صفحات الفيسبوك منحوا من خلالها درجة صفر لوزير التربية ، الذي لايريد أن يدرك المخاطر التي تواجه التعليم في فرنسا .
في السنوات الماضية كنت مثل ملايين العراقيين ، أتعاطف مع مطالب المعلمين في تحسين أحوالهم المعيشية باعتبارهم يمثلون نخبة المجتمع، ولكني مع هذا كنت أسأل نفسي في كل يوم وأنا أشاهد تظاهرة في إحدى المحافظات ، أين هم المعلمون ، أين دورهم، لماذا لم يساهموا منذ سنوات في إشعال الغضب ضد الفساد والمحاصصة الطائفية والخراب الذي عشّشَ في المؤسسات التربوية ؟.
كان سارتر قد عيّن معلماً بعد تخرجه ، وفي إحدى التظاهرات قال للشباب "إننا معشر المعلمين من سنصنع التغيير لفرنسا، لأننا نعبّر عن مشاعر ومطالب أجيال كاملة "، في معظم بلدان العالم يقف المعلم في طليعة النخب التي تطالب بإصلاح أحوال البلاد وعلى رأسها التعليم . أما في العراق فقد يأخذ البعض على هذه الشريحة المهمة أنها ظلت تقف معظم الوقت في منطقة رمادية ليست لها معالم واضحة، في الوقت الذي كان بإمكانهم أن يحركوا المياه الآسنة في "بركة" التعليم والسياسة والمجتمع ، ولهذا أعتقد أن إضراب المعلمين يجب أن يوجّه ضدّ الطبقة السياسية التي أهملت التعليم وظلت برغم الميزانيات المليارية تشكو الافلاس ، فلا مدارس حديثة ، ولا تعليم متطور ، ولاحقوق لصغار الطلبة مثل باقي بلدان العالم ، وأموال طبع الكتب يتقاسمها النائب الهمام مثنى السامرائي مرة مع جماعة أسامة النجيفي ومرات مع أصحاب سليم الجبوري .. بلد يعاني فيه التعليم من إهمال وغفلة ونضع على رأس سلطته التعليمية " وزارة التربية " مسؤولين ينتمون الى أحزاب دينية تطالب بفرض الحجاب على الصغيرات في المدارس ، لابد له أن يكون في المراكز الاولى على لائحة الفساد العالمي حيث يتعيّن على كل مواطن أن يقدم رشوة كلما خطت قدماه باتجاه إحدى مؤسسات الحكومة .
تصنّفنا الدراسات الدولية في خانات التعليم المتدهور ومنظومات التخلف. ومُنحنا في السنة الماضية صفر في تصنيف الجودة في التعليم ، الذي من اجله يجب ان نتظاهر ونحتج .. لنقول بعدها لطلبتنا بصوت واحد : قُـمْ للمعلّمِ .