TOP

جريدة المدى > سينما > نام جون بايك مؤسّس فن الفيديو

نام جون بايك مؤسّس فن الفيديو

نشر في: 20 فبراير, 2019: 06:10 م

ترجمة : صلاح سرميني

يُعتبر الفنان الكوري الأصل "نام جون بايك" مؤسّس فن الفيديو، وُلد في "سيئول" عام 1932، وتوفي في "ميامي" عام 2006، تجسدت عبقريته من خلال إدراكه بأن ظهور التلفزيون قد غير العالم.
في عام 1975 قال "نام جون بايك" :

فعل "مارسيل دوشا" كلّ شيءٍ ما عدا الفيديو.
لقد فتح باباً كبيراً للدخول، وباباً صغيراً جداً للخروج.
هذا الباب هو الفيديو.
ومن خلاله نستطيع أن نخرج من "مارسيل دوشا".

بعد دراسته لتاريخ الموسيقى، والفن في كوريا، ومن ثمّ في اليابان عام 1952 (بعد أن هرب من الحرب في بلده)، غادرها في عام 1956 لاستكمال تعليمه الجامعي في ألمانيا، وتخصص في الكولاج الصوتي من الأشرطة الصوتية، والاسطوانات، وفي عام 1958 عمل مع الملحن "كارلهاينز ستوكهاوزن" (رائد الموسيقى الإلكترونية) في مختبر أبحاث يخصّ ستوديو الموسيقى الالكترونية لإذاعة كولونيا - حيث كان يعمل أيضاً الملحنيّن "ماوريسيو كاغيل"، و"رينيه كورينغ"، في ذلك الوقت، كان يقدم حفلات، ومعارض و "تجلياتٍ موسيقية" خاصة به، وخلالها يهاجم الآلات الموسيقية بهدف "القضاء على الموسيقى التقليدية".
في عام 1961، شارك في مسرحية موسيقية لـ "كارلهاينز ستوكهاوزن"، وكانت بعنوان "أصلي"، حيث كان الأداء المباشر يترافق مع عمل الملحن الألماني، وكولاج صوتي أنجزه بنفسه، وفي إطار تقديم مسرحية "أصلي"، ازداد اهتمامه بوسيط الفيديو.
خلال تلك الفترة، كان يلتقي مع طليعة تلك السنوات (وخاصةً جوزيف بويس، جون كيج، جورج ماسيوناس، ميرسي كانينغهام، والثنائي كريستو، وجين كلود، الخ ..)، وفي عام 1962 انضم إلى مجموعة فلوكسوس الفنية (المُنبثقة من حركة دادا التي كانت تجمع أيضاً بين الموسيقى، والأداء المباشر، والفن التشكيلي، والكتابة).
منذ البداية، تميزت أعمال "نام جون بايك" بهذه التأثيرات غير المتجانسة، والمتعددة التخصصات، والتجريبية.
فلوكسوس، الذهاب الى التربة الخصبة.
في آذار عام 1963، وخلال معرض فلوكسوس (Music/Electronic Television) في رواق بارناس في فوبرتال/ألمانيا عرض إنشاءَ سمعياً/ بصرياً يتكوّن من 13 جهاز تلفزيون مثبتة مباشرة على الأرض، وتمّ تشويش الصورة عن طريق مولدات تردد، ولم تكن الأجهزة تعرض شيئاً ماعدا خدوشاً، وخطوطاً، كان ذاك المعرض صدى تقنية لغة غير معروفة، ومتغيرة استخدمها "جون كيج" في آلات "بيانو غير موزونة" (ويعود "الحدث الأول" إلى عام 1952)، تعتبر اليوم أول عمل من أعمال فن الفيديو.
في ذلك الوقت، كانت كلمة فيديو لم تُعرف بعد، ولاحقاً تمّ الاعتراف بأن ما أنجزه هو "فن فيديو" (حوالي 1972-1973، عندما بدأنا ندرك خصوصية هذا الوسيط).
لم يكن "نام جون بايك" الفنان الأول الذي اختطف التلفزيون من استخداماته المُعتادة، حيث أنه، وفي الوقت نفسه تقريباً، عرض الألماني "وولف فوستيل" الفيديو التجريبي (Sun in your head/الشمس في رأسك)، وقدم الفرنسي "جان - كريستوف أفيرتي" سلسلة برامج تلفزيونية عبثية بعنوان (العنب الأخضر)، ولكن يتأتى الابتكار الذي ميّزه عن الآخرين بأن أعماله هي إنشاءات سمعية/بصرية متقنة، تنتج صوراً إلكترونية تجريدية، ومستقلة عن التلفزيون.
في عام 1964، التقى "نام جون بايك" بعازفة التشيلو "شارلوت مورمان"*، وتعاون معها في العديد من العروض.
تتكوّن كلّ أعمال "نام جون بايك" من منشآتٍ فيديوية، يدمج فيها آلات موسيقية، وشاشات تلفزيون يُعدلها كي يحوّلها عن وظيفتها الأصلية، في سلسلته التي اختار لها عنوان "الروبوتات"، يكدّس أجهزة التلفزيون كي يمنحها شكلاً مجسّماً، وعلى عكس السينما، يعتمد فن الفيديو اعتماداً أقل على التصوير، وأكثر على تطويع مادة الصورة الإلكترونية، حيث يتلاعب "نام جون بايك" بالصور، والأصوات، بتنضيدها، تغييرها، تمديدها، وتسريعها، ويصل بها إلى حالة فقدان القدرة على التعرّف عليها.
بالكشف عن العملية التقنية للتلفزيون، يرفع "نام جون بايك" النقاب عن محاكاة الصورة الإلكترونية، ويحدّث طبيعتها الأيديولوجية، والتكنولوجية.
هي، بالآن ذاته، منحوتات، وأعمال سمعية/بصرية، تقدم للمشاهدين تجربة حسيّة كاملة.
في عام 2008، وبعد عامين من وفاته، تمّ افتتاح مركز "نام جون بايك" للفنون في مدينة "يونجين".
"نام جون بايك"، و"بورتاباك" شركة سوني.
في عام 1964 عندما وصل "نام جون بايك" إلى الولايات المتحدة، كانت شبكة الطرق السريعة الضخمة - حديثة العهد - ترمز إلى فكرة معينة عن الحرية الأمريكية، ويمثل (Electronic Superhighway) إحساس الفنان الكوري الشاب عندما وصل إلى القارة الأميركية، حيث تستحضر إضاءات النيون العلامات التجارية المتعددة الألوان، والمغرية الخاصة بالفنادق الصغيرة، والمطاعم على جانبيّ الطريق، وتتدفق العديد من الصور الوامضة مثل المناظر الطبيعية المرئية من سيارة مسرعة خلال الليل، الهيكل معمول من شاشات تقترح بأن أسطورة أمريكا بُنيت على سينماها.
في منتصف الستينيّات، سارع ظهور كاميرا محمولة جديدة (بورتاباك سوني) في الأسواق من تطوير فن الفيديو (سابقاً، كانت الكاميرات الثقيلة جداً لا تغادر الاستوديوهات، وتُستخدم لأغراض مهنية).
في عام 1965، وحالما حصل "نام جون بايك" على تلك الكاميرا، قفز في سيارة أجرة، وذهب إلى مقهى (Café au go go)، وهو مكان عصري في قرية غرينيتش كان يلتقي فيه جميع الفنانين الشباب في نيويورك، وقتذاك صور من نافذة السيارة مشواره، وفي نفس الوقت سجل الموكب البابويّ الذي كان يتوجه نحو الشارع الخامس،.... وللأسف، لا يوجد أيّ أثر لهذا الشريط...
ولكن، الفيديو الأول المُؤكد الذي أخرجه هو (Button)، وفيه نراه يزرّ، ويفكّ معطفه، سمة من روح مجموعة "فلوكسوس"، كان ذلك الفيديو نوعاً من التحية لـ"جورج ماسيوناس"، بالنسبة له، أي إشارة، أو حركة، يمكن اختطافها من دورة الحياة اليومية إذا تكررت أكثر من عشرين مرة.
(تلفزيون بوذا) واحدُ من أعمال "نام جون بايك"، ويتكوّن من تمثال بوذا يتأمل صورته التي تبثها شاشة فيديو (تمّ تصويرها بكاميرا داخلية تخلق دورة لانهائية)، ومع سلسلة بوذا، يعكس "نام جون بايك" فكرة عن حالة التلفزيون كغرضٍ للعبادة في الغرب.
وبدءاً من عام 1986، جمع "نام جون بايك" أجهزة تلفزيون، وراديو قديمة، وخلق منها منحوتات تشبه الإنسان، وتمثل أفراد أسرة.
*شارلوت مورمان (18 نوفمبر 1933 - 8 نوفمبر 1991) عازفة تشيلو أميركية، في عام 1964، وخلال رحلة إلى نيويورك التقت بـ"نام جون بايك"، ولاحقاً قدما معاً عدداً من العروض، وفي أحدها، كانت تعزف على جسده، وفي عروض أخرى، كانت الصور التي تبثها أجهزة التلفزيون الموضوعة على جسده، تتشوه وُفقاً لموجات الصوت الصادرة من الموسيقى التي تعزفها.
المصدر: (دفتر سيئول)، مجلة تهتم بالثقافة الكورية، وتقدم ذلك من خلال مقابلات، مقالات، شرائط فيديو فنانين، تصميمات، أماكن...إلخ.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram