اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: في مديح "العدس"

العمود الثامن: في مديح "العدس"

نشر في: 20 فبراير, 2019: 09:28 م

 علي حسين

بداية القرن العشرين تأمل أحد أدباء النمسا "ستيفان تسفايج" ما يجري حوله، وقال مخاطباً نفسه: ماذا يخبئ لنا المستقبل؟، ثم تساءل هل يستطيع الإنسان أن يتجاوز آلام الماضي؟ .كان ذلك نهاية العام 1918 والحرب العالمية تضع أوزارها بعد أن حصدت أرواح عشرة ملايين إنسان.
بعد عشرين عاما يعود ليكتب: "الاعتبارات السياسية دائماً ما تنتصر على الأخلاق" ويروي في رسالة يبعثها الى الألماني توماس مان كيف انه لا حظ أن مؤسسات الدولة تتحول إلى حواضن للتخلف، حين يتولى أمورها أناس يرفعون شعارات وحناجر الظلام.. حين صدر كتاب زفايج "عنف الدكتاتورية" عام 1936 كان هتلر في قمة صعوده، ولكن هذا لم يمنع صاحب "بناة العالم" من أن يذكّر البشرية أنّ السياسي الفاشل لاينتج سوى دولة "هواة". 
أفضل وأغنى رواية عن خراب الأمم، يتركها لنا هذا المواطن النمساوي، ما هو الشعور الذي سيخامرك وأنت تقرأ حكاية صعود القوى الفاشلة والظلامية كما يصفها؟ لا أدري ، حاول أن تبحث عن مؤلفات تسفايج في المكتبات. 
أقرأُ تعليقات عدد من القراء في موقع الجريدة ومعضمها تحتار في وصف ما يجري . وإلى هؤلاء القراء ، أحب أن أقول، إذا لم نكن ذاهبين إلى "هواء نقي" فإلى أين؟ إذا لم نكن سنلغي الفشل والكذب والانتهازية وسرعة الثروات وخداع الناس والمضي في التعصب والتخلف، فماذا سوف نحقق إذن؟.
كنتُ مثل غيري كثيرين أتوقع أن رئيس مجلس الوزراء وبسبب الفساد المالي والإداري الذي استشرى في البلاد سيتخذ الطريق الأصلح في معالجة الخراب ، ولكن يبدو أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فها هو يعتقد أن الجواب على سؤال عن كمية العدس في الحصة التموينية يستحق أن نتوقف أمامه فيقول جملة يعتقد أنها حكمة " الزيادة أفضل من النقصان " وماذا عن النقصان في النزاهة والخدمات والمسؤولية ، لماذا ينسى رئيس الوزراء منهاجه الحكومي الذي أعلنه داخل قبة البرلمان ، ماذا بقي إذن من المستقبل الذي هلل له البعض وصفق له ؟ تعالوا نبحث عنه في فرحة الحكومة وهي تكيل المديح لـ " العدس " .
لا مفاجأة إذن ، أن نكون على قمة بؤساء العالم، وأن نحصل على مراكز متقدمة في الدولة الأكثر تخلّفاً ونهباً للثروات ، إنجاز جديد يضاف إلى قائمة الإنجازات العملاقة منذ خمسة عشر عاماً . ما المفاجأة في بلد يريد له ساسته " الأشاوس " أن يستقيل من التاريخ والجغرافيا والسياسة . ما المفاجأة ونحن نطلق على توزيع نصف كيلو عدس منجزاً غير مسبوق .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

 علي حسين يملأ بعض السياسيين حياتنا بالبيانات المضحكة ، وفي سذاجة يومية يحاولون أن يحولوا الأنظار عن المآسي التي ترتكب بحق هذا الشعب المطلوب منه أن يذهب كل أربع سنوات ” صاغراً” لانتخاب...
علي حسين

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

رشيد الخيون عندما تُعلن الأنظمة، تحت هيمنة القوى الدّينيّة المسيسة، تطبيق الشّريعة، تكون أول ضحاياها النّساء، من سن زواجهنَّ وطلاقهنَّ، نشوزهنَّ، حضانة أولادهنَّ، الاستمتاع بهنَّ، ناهيك عما يقع عليهنَّ مِن جرائم الشّرف، وأنظمة لا...
رشيد الخيون

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

رستم محمود أثناء مشاركته في الاجتماع الموسع للأحزاب والقوى السياسية العراقية في العاصمة بغداد، ضمن زيارته الأخيرة، والتي أتت بعد ست سنوات من "القطيعة السياسية مع العاصمة"، رفض زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني والرئيس الأسبق...
رستم محمود

كلاكيت: للوثائقيات العراقية موضوعات كثر

 علاء المفرجي أثار موضوع تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، من جدل اجتماعي أحتل ومازال مواقع التواصل الاجتماعي، أُعيد ما كتب في هذا الحيز عن فيلم (خاتم نحاس) إخراج فريد الركابي والذي انتجته...
علاء المفرجي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram