محمد حمدي
الرموز الوطنية الشعبية علامة فارقة لحضارة الأمم، عبارة مكتوبة بيافطة كبيرة على أحد متاحف الشمع لمبدعين في مجال الرياضة والفنون في اليابان، أعتقد أنها كافية جداً وعلى درجة هائلة من الرقي تشير الى مكانة هؤلاء وليس تهميشهم والتعامل معهم بالجفاء والعقوبات كما هو الحال لدينا، ومناسبة الحديث حول ما يدور اليوم من واقع مؤلم جداً تعيشه رياضتنا والأسرة الرياضية مجتمعة.
يتحدث الجميع عن لمّ شمل الأسرة الرياضية حرصاً عليها من التفكّك ويضربون لك الامثال والقصص الجميلة عن الماضي القريب والعلاقات الاخوية التي تجمع نجوم الامس ومختلفي اليوم، ولأجل أن أصدقكم القول فإن كل ما يدور من هذه الأمثال على صفحات الإعلام والتواصل الاجتماعي هو كلام فارغ لا وزن له أبداً في عالم الرياضة الذي نعيشه اليوم، ولو كان أحدهم يعي كل ما يتحدث ويؤثر الإيثار في تصرّفاته لما عانى وسطنا الرياضي كل هذه الفوضى المزعجة التي ألمّت بجماهيرنا الرياضية وتسبّبت في نفورهم من القاعات والملاعب.
لو كان لعلاقاتهم أي تأثير يذكر لركنوا الى جادة العقل والتفاهم الموضوعي دون اللهاث خلف المحاكم الدولية في الشأن الرياضي وتعميم شكاواهم لدى الفيفا واللجنة الاولمبية الدولية واتحاد الجودو الدولي وغيرها من المنظمات التي تؤشرنا دون أدنى شك أسوأ اسرة رياضية مختلفة ازعجت العالم من حولنا!
بهذا المشهد المشوّه وما يرافقه من أحداث صادمة يومية عن أي رياضة وعلاقات ودية تتحدثون؟ بلا شك فإننا تحت سطوة ظرف صعب جداً ربما كان هو الأسوأ والأكثر إيلاماً، وقد غابت لغة الحوار تماماً ولم يعد من يعمل في هذا الوسط على استعداد للإصغاء أو مجرد المحاولة للوصول الى مشتركات نؤسّس من خلالها نقطة انطلاق جديدة، والملاحظ أن العمل الإداري ومحاولة الاستئثار بالمناصب هي الشغل الشاغل اليوم لجميع الإخوة الأعداء، حيث تنشط حمى البحث عن الترف بالجولات السياحية باسم الرياضة والاستغناء على حساب سمعة البلد هي الشغل الشاغل بوجود مجموعة نشطة ممن تحيل المحظورات الى مباحات وتزيّن الاشياء على طريقة وعّاظ السلاطين القديمة وتدافع حد الاستماتة عن تصرفات رئيس الاتحاد وأعضاء المكاتب التنفيذية وتصوّر مجرد الإشارة الى خروقهم بأنها كفر ما بعده كفر يذكر.
أعتقد ومن خلال هذه الخلطة العجيبة التي تنذر بكوارث مقبلة أن الحل المركزي غاب عن جميع المؤسسات الرياضية وليس بالإمكان العودة إليه مجدداً فما إن وصلت الامور الى المحاكم المحلية والدولية ودُوّلت أزماتنا بعناوين فضائحية مدوية لا يمكن بعدها تلافي كل الاخطاء والرجوع الى نقطة الشروع مجددا ، وكل ما بقي هو الإصلاح من تحت الجدار بالاساس الاول ومن المعيب ترك الامور على حالها لثلة من الانتهازيين والنفعيين الذين لم يجلبوا لبلدنا سوى الخراب والمتاجرة باسم الرياضة وما يفترض بالحكومة الإقدام عليه دون تأخير هو وقف المهازل التي طال بها الأمد حد الضجر وعدم التحمّل وإذا ما استمر عمل الاتحادات الرياضية والجهات المعترضة على عملها بهذه الآلية التي تعنى بالمناصب الإدارية وتوزيعها دون الاكتراث بما هو أهم من جوانب فنية، فإن الحال سيصل بنا الى مراحل من الصعب وقف تماديها مستقبلاً وقد تكون حكومات رياضية مصغرة لا تأنف من ارتكاب أية أعمال مشينة، وعلى وفق نظرية أصعب العلاج هو الكي فإن الجرأة في التعامل مع واقع الرياضة بات هو الحل المطلوب اليوم والتخوّف من عقوبات دولية تحت طائلة التهديد يضعف ولا يغني في شيء، فلا شريعة في العالم تحلل الفساد ولا ضمان لاستقرار عملة منظومة رياضية يرفع قادتها العصا بوجه الخبرة والقانون النافذ وإلا فإن الحكومة هي مجرد مصرف مالي مستباح.