adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
يستحقّ الشاعر والكاتب الكردي الراحل فوزي الأتروشي أن تُرسم صورته على لوح من الرخام أو الزجاج يُعلّق في أحد أروقة وزارة الثقافة في بغداد.
هذا الاستحقاق متوجّب ليس لأن الأتروشي كان حتى رحيله أول من أمس يشغل منصب وكيل الوزارة منذ سنوات عدة، ولا لأنه ممثل لحزب رئيس في الحركة الوطنية العراقية والحركة القومية التحررية الكردية (الديمقراطي الكردستاني) في الحكومة الاتحادية.. فوزي الاتروشي يستحق هذا التقدير بذاته، فهو على مدى عقود كان شخصية ثقافية نشيطة في المشهد العراقي العام وفي المشهد الكردي. عمل في مؤسسات الإعلام والثقافة الوطنية العراقية، بما فيها التي انبثقت في حقبة المعارضة لنظام صدام الدكتاتوري. وبعد سقوط النظام اتّخذ من بغداد مقراً ومستقراً له ليكون من أبرز النشطاء الثقافيين الكرد، فلم يغب عن أي فعالية ثقافية عربية أو كردية أو تركمانية أو كلدو آشورية.. كان دائماً في قلب كل فعالية ثقافية ومن نجوم المنتديات الثقافية، وتميز بمبادراته الهادفة الى تشجيع المثقفين الشباب خصوصاً. ومن خلال موقعه في وزارة الثقافة سعى بوضوح لخدمة الثقافة الوطنية والمثقفين الوطنيين، ولم يعرف عنه أي انحياز قومي أو حزبي.
الأتروشي أعاد إلينا في حقبة ما بعد 2003 المترعة بالبؤس بعضاً من جماليات حقبة الخمسينيات - السبعينيات وما قبلها من القرن الماضي، عندما كانت بغداد تزخر بمثقفين كرد بارزين أسهموا في تشكيل وتطوير الثقافة الوطنية العراقية متعددة القوميات واللغات واللهجات وكتبوا نصوصهم وأبحاثهم باللغتين فأغنوا الثقافة الوطنية العراقية بتجاربهم الثرّة، من أمثال بلند الحيدري وشيركو بيكه س وفلك الدين كاكائي وعز الدين مصطفى رسول وجمشيد الحيدري ومحيي الدين زنكنة ومحمد ملا عبد الكريم وكمال غمبار وعباس البدري، وقبلهم محمد صدقي الزهاوي وبعدهم برهان شاوي وكولالة نوري وفينوس فائق وسواهم بالعشرات مما لا يتسع المجال هنا لذكرهم جميعاً.
لك الذكر الطيّب، ولترقد روحك الجميلة بسلام، فوزي الجميل.