علي حسين
يقف معظم ساستنا أمام شاشات الفضائيات ليشتموا أميركا ويحذّرون ترامب من دسّ أنفه في الشأن العراق ، وسواء كان الامر جدياً ، أو مجرد استعراض صوتي ، فإن النتائج دائماً ما تكون كارثية ومثيرة لأن أميركا لاتزال ترى أنّ ما يجري في العراق ، لعبة لا تحتاج سوى الى تغيير في الوجوه والأقنعة، ولهذا لاهم ترامب ان جهابذة ائتلاف دولة القانون يوقدون الشموع كلّ عام احتفالاً بطرد الأمريكان ، وكنا عشنا خلال السنوات الماضية مع فصول من الاستعراضات كان أبرزها الهجوم " النووي " الذي شنّه آنذاك حسين الشهرستاني ضد واشنطن ،لأنها تأمّرت عليه ومنعته من تصدير الكهرباء العراقية الى دول الجوار ، وسمعنا وشاهدنا أهازيج مشعان الجبوري الذي أفشل من خلال قناته الزوراء مشروع بوش للشرق الأوسط الجديد ، وفي موجة الشعارات والصرخات .. الخدمات غائبة والاقتصاد لاوجود له ، والبرلمان يراوح في مكانه ، والحلبوسي يستعرض بفديواته مكارمه التي يغدقها على العراقيين .
سيقول البعض يارجل ، لماذا تريد أن تُحوّل الجد الى سخرية ، ألم ترَ المؤامرة الاميركية ، لماذا اصبحت لاتتابع اخبار الزعيمة " الإصلاحية " حنان الفتلاوي ، التي تحولت مؤخرا الى " مقاوِمة " لإسرائيل !! ، ياجماعة أنا كلما أشاهد مسؤولا عراقياً أصيب بحالة من التوقف عن الفهم ، وكلما شاهدتُ جلسات البرلمان ازددتُ جهلاً وضياعاً. وهناك بعض السياسيين أتابعهم أينما ظهروا، من أجل أن يتضح لي ما كان غامضا في المسرح الكوميدي .
وقبل أن أستعرض لكم معاناتي من خطب الساسة كنت أنوي أن أكتب لكم عن خبر مثير ، جرت احداثه في هانوي عاصمة فيتنام التي كانت ذات يوم رمز المقاومة العالمية ضد الاميركان ، الخبر يقول ان هانوي قمة بين ترامب ورئيس كوريا الشمالية .. ولو قلت هذا الكلام قبل عشرة أعوام لاتهموك بالجنون .
قبل أيام أعدت قراءة كتاب الفرنسي "جاك اتالي"، الذي يروي فيه حكايات السنين المقبلة ، والمستقبل الذي ينتظر بلداناً مثل الصين والهند والبرازيل وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية ، ولم ينس أن يضع معها سنغافورة واندونيسيا وفيتنام . يقول أتالي : هناك دول اختارت أن تحجز لها مكاناً في الصفوف الاولى من عربة المستقبل .
يكتب الجنرال جياب في مذكراته : " من يريد أن ينتصر في معركة الحياة عليه أن يترك الشعارات ويلتفت للمستقبل ،لان العالم سباق وبقاء، مع الناجحين لا مع المخادعين ".