إياد الصالحي
بالرغم من مضي شهرين على دخول رياضتنا العام 2019، وتفاؤلها المقيّد بسلاسل اليأس كأنها تساق الى أيام محبطة لا أمل فيها للنجاة من مأزقها، مازالت هناك بوادر انفراج تلوح في أفق الأحداث المرتقبة لاسيما على صعيد مصير اتحاد كرة القدم الذي سيُحدد بعد جلستي 30و31 من أيار المقبل في لوزان حيث مقر محكمة كاس الدولية، فوضع اللعبة لا يسر أحداً مع إنها تمثل مصدر سعادة الشعب العراقي التوّاق لرؤية أسود الرافدين يمضون الى منافساتهم بروحية الانجاز الغائبة منذ 2007 حتى الآن!
لماذا الانفراج في كاس؟ صراحة تساؤل ربما يدور في ذهن من يعتقد بأننا نغمز في موضوعة حسم ملف ممثل نادي الزوراء الرياضي عدنان درجال لصالحه بشكايته الثلاثية التي أوضح تفاصيلها في بيانه الثالث عن الملف يوم 21 شباط الحالي، كلا ليس المهم من يخرج كاسباً بدفوعاته وحججه، فالأزمة الكروية العراقية "وصلت إلى مديّات مؤسفة في تخلّفها بسبب المنهج والعقلية المعتمدة في إدارة شؤونها أولاً وما سبّبه النظام الداخلي المعتمد للاتحاد المذكور واللائحة الانتخابية وضوابطها المضطربة المُقرّة والمُعدّة من قبل الأخ المستشار القانوني للاتحاد ثانياً" على حد وصف الخبير الرياضي الدكتور باسل عبدالمهدي.
نعم اللعبة تبقى الخاسر الوحيد ما لم يُحدَّث نظامها الأساسي بمواد رصينة تعزّز قيمة العمل في الاتحاد ولا تمهّد للتنازع والتخوين ولا تكرّس وجود أي شخص يفوز بمنصب الرئيس أو النائب أو العضو، بدليل أن كل هَمْ أعضاء الاتحاد الحاليين هو التفاخر بثقة الهيئة العامة في منحهم استمرارية الاستحواذ على كراسي الاتحاد بآلية الترشيح المُحبكة للدورة الحالية، وأن أي نجم كروي مهما بلغت شهرته وسيرته ومنجزاته لن يخرج من معترك التصويت الانتخابي إلا بصوت واحد أمام رئيس الاتحاد عبدالخالق مسعود! وهي ثقة مفرطة نتاج تفسيرين لا ثالث لهما، تفصيل النظام الأساسي الحالي يؤمّن للرئيس البقاء أكثر من دورتين أو هناك ضغوطات تؤثر على حظوظ المرشحين وكلاهما حصل في انتخابات 31 أيار 2018.
على الجانب الفني، ما فتأ الاتحاد مرتبكاً في رسم سياسة تطوير المنتخبات "عصب الحياة" للعبة، إذ لم يكن مفاجئاً التقييم المنصف الذي تحدّث به المدرب أكرم سلمان عبر الشاشة للجمهور المصدوم بخيبة الأسود في بطولة آسيا الأخيرة، فقد أدلى بالحديث نفسه بصراحة موجعة لصحيفة المدى السبت الماضي في محوري عمله مع لجنة المنتخبات وتسنمّه المهمة مع الزوراء، إلا أنه طلب تأجيل نشر تفاصيل المحور الأول حتى يلتقي رئيس الاتحاد ويطلعه على تقريره الفني الخاص بالمرحلة المقبلة، ومع احترامنا لرغبة سلمان إلا أن سمعة العراق أكبر من رئيس الاتحاد ولجنة المنتخبات ومدرب المنتخب الوطني وكل العناصر المساهمة في تقهقره، ولهذا كان حديثه بمستوى المسؤولية التي خشي رئيس لجنة المنتخبات فالح موسى ورفاقه الكشف عنها للفترة ( 2-25 ) شباط الحالي، لئلا يُقصَّر وتوجّه له شخصياً سهام النقد لمشاركته في لجنة اختيار المدرب السلوفيني ستريشكو كاتانيتش دون منافسين معه كما دأبت لجنته على تقديم ترشيحات المدربين المحليين.
الكابتن سلمان منح كاتانيتش 30% كأعلى درجة تقييم له في بطولة آسيا، مستغرباً من عدم تقديمه برنامج إعداد المنتخب وتأخره في الاستدلال على التشكيل في المباراة الثامنة له مع اليمن قبل أن يسقط أمام منتخب شبابي جهزّه الاتحاد القطري ببرنامج متكامل منذ ثلاث سنوات، هذه الصراحة التي توّجها سلمان بكشفه عن وجود تيار معارض بشدّة لعمل كاتانيتش داخل الاتحاد يعني أن هناك مصدّاً أقوى من كل هذه الأصوات لردّ أي محاولة إنهاء خدمات المدرب قبل فوات الأوان كي لا توجّه اليهم اصابع الاتهام يهدر أموال الحكومة على صفقة فاشلة، وسيستمر السلوفيني في مهمته حتى أيلول المقبل موعد إنتهاء عقده، وإذا ما أراد الاتحاد تحقيق ذلك في آب مثلاً سيُعطى راتبه لأيلول فقط دون دفع أي أموال أخرى لعدم وجود شرط جزائي مثلما أكد ذلك رئيس الاتحاد في برنامج حواري قبل بطولة آسيا.
هكذا يستمر عمل الاتحاد بترقّب حذر لما سيؤول مصيره ما بعد استماع محكمة كاس الدولية في الحادي والثلاثين من أيار المقبل لأقوال درجال وشهوده وردود المحامي المكلّف بالدفاع عن إجراءات المؤتمر الانتخابي المطعون به من قبل المعترضين بالتاريخ نفسه العام الماضي، أي بعد ضمان سنة من عمره واجه هذه التحدّيات وفي الطريق أصعب منها ما لم يعيد النظر في سياسة إدارة اللعبة على جميع النواحي، فمنتقدوه هم ليسوا أعداء أو منافسين على مزايا مواقعه، بل حريصون على جريان شؤون كرتنا وفقاً لأفضل معايير تطوير لجانها ومسابقاتها ومنتخباتها بلا مكابرة أو تعنّتْ إذا ما شُخِّصَ خطأ ما عبر وسائل الإعلام يدين إخفاق الاتحاد.