اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: في تحية بغداد ودجلة والمتنبي

قناطر: في تحية بغداد ودجلة والمتنبي

نشر في: 2 مارس, 2019: 12:00 ص

 طالب عبد العزيز

أنا في بغداد سائح، مثل كل العرب، الذين يأتونها في مهرجانات الشعر والفنون. بالامس حدثني أصدقاء من الأهواز زاروا معرض الكتاب، وجاءوا مبهورين، فرحين وفي المعرض التقيت أصدقاء من السعودية والخليج، وحدثوني عن جمالها، وعن ناسها وشوارعها وحدائقها وأسواقها العامرة. وأمس أخذني، وبالزورق، عبر دجلة فارس الكامل، صاحب مكتبة ودار المعقدين، البصري، البغدادي الى شارع المتنبي، هو دلني على طريق النهر، الذي ما كنت لأسلكه لولاه، لولا خبرته البغدادية.
فوجئت، أنا السائح، المهووس بصورة بغداد الأسطورية، بحشد الناس على ضفتي دجلة، بالراقصين داخل العبّارة، الراسية عند تمثال المتنبي، في القشلة، وسراي الحكومة القديم. هناك حلم عربي بامتياز، ما زلت اسمعه من الأصدقاء العرب، يقول بأن معاينة بغداد والوقوف على دجلة، من جهة السراي، والتقاط صورة مع تمثال المتنبي يعني لهم خاتمة الأحلام، ومع أنني لم التقط صورة للمشهد الخلاب، إلا أنني، احتفظ لعيني بحق تكرار الحلم الجميل هذا، فأنا في بغداد سائح، لا يعرفني فيها إلا القليل من الاصدقاء.
تعلمت من محمود عبد الوهاب(القاص) بأن لا أثق بالعين السائحة، فقد كان يصفها بالخداعة، وهي عنده، تخفي من حقيقة المدن الكثير، ومع أنني مغرم بالخدع، بل واحبّها، فسوف أتحدث عن خديعة بغداد لي ، إذ سأرتضي لقدمي بأن تحملني الى شارع المتنبي والى قيصرية الحنش، لأسمع هناك أغاني مائدة نزهت وسليمة مراد وهناء خزعل، وسأصعد مكتبة ودار المدى، لأستمع الى الناقد يسين النصيّر وهو يتحدث عن فاضل العزاوي، وسأذهب الى مكتبة الرافدين، لألتقي صاحبها الناشر محمد هادي، وقد أترك ذلك كله، لأذهب مصغيا لأبي نؤاس في شارعه الأجمل، الذي يتخذ من دجلة العظيم منامة له، ولأقول له بأنك الأجمل بين شوارع الدنيا، وسأدخل الكرادة، وسأغض طرفي عن كل ما لا تحب معاينته، ولن أصغي لحديث الناس، الذين يشتمون الحكومة علناً، إنما سأتنفس رائحة القهوة، التي تنبعث من مقهى ومكتبة بن رضا علوان، الذي بات محجة المثقفين العراقيين.
ليس كل الذين يقصدون شارع المتنبي شرّاء وقرّاء كتب، قليل منهم ربما من يكون الكتاب همهه وغرضه، وأعلم أن بينهم المئات، الذين يستعرضون (عشقهم) للثقافة، ولن أتردد في وصفي لهم إنهم استلطفوا أجواء المكان، الذي لم يعد مكتبة كبيرة، أبداً، وجاءوا. هو كرنفال ثقافي بامتياز، كل زاوية في المتنبي(الشارع) تريك في بغداد قطعة الأمل القادمة، عشرات الآلاف يطوفون يوم الجمعة، حول تمثال المتنبي، يقصدون السوق الباهرة، هم يعرفون بعضهم بحكم الترداد المتكرر، لذا سأكون خبيثاً، لأسأل عن عدد الذين تركوا المسجد والحسينية وجاءوا المتنبي، ثم لأبحث عن سبب آخر في ذلك، ألا نرى فيهم تحولاً بالغ الأثر، هلّا بحثنا في أسباب هجرانهم لترهات الأحزاب الاسلامية بشقيها معاُ، حيث يجتمع البغدادي القادم من ضواحي بغداد كلها هنا، في جمعة خالصة للوعي، وتداول المعرفة، وقراءة الكتب، وسماع الموسيقى، وتحدي التشدد، وابتكار المحاولات في نفي الظلام . ألا ترون أن المسجد السنّي مغلق على أهل السنة، وحدهم، والمسجد الشيعي مغلق على أهل الشيعة، وحدهم .. لكن المتنبي مفتوح للجميع؟ أليس في ذلك أبلغ الرسائل، لأقول بأن بغداد العظيمة وشارعها المتنبي ودجلة الخير والناس، الذين هنا إنما يمنحوننا الدرس الأبلغ في معاينة عراقنا القادم؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram